بنيتُ في قلبي مدينةً من الأحلام تشبه قلاع الرمل التي بنيتها على شاطيء البحر وأنا في السابعة من عمري ، تلاشت تلك القلاع بعد غروب الشمس،
ذهبت القلاع وبقيت الأحلامُ في قلبي أحلامًا !
من عدل الله فينا الاختلاف في كل شيء والتساوي في حق الحلم.
الحلمُ هو الشيء المباح لكل سكان الأرض بلا شروط نحلم ويحلمون بما نشاء و يشاءون ، لكن ليس بالضرورة أن تكون تلك الأحلام واقعًا وحقيقة؛
يتلاشى حلم ،وتنطفيء أمنية، ويخلق الله أحلامًا أجمل، ويريك الأماني في حلّةٍ أبهى .
منذُ أن نبدأ غمارَ الحياة تبدأ معنا مرحلة نسج الأحلام صغيرةً وكبيرة، نسعى، ونتأمّل، نسقط ثم نقوم لأجل حلمٍ رسمنا له في خيالنا ألف طريق والكثير من الخطط البديلة لتسعفنا في حال ضاقت بنا السبل،أو تاهت أفكارنا المنطلقة نحو الآفاق.
الحلم ليس عيبًا، ولا عبئًا ؛ بل هو فطريَّ في كل سوّي،
العيب أن نطرَّز أحلامنا بعيدًا عن واقعنا وظروفنا وإمكانياتنا ،ثم نبكي ،وننسى أن كل شيء بقدر ،وأن كل مكتوب سيُرى ،ونعّلقُ كلَّ شيءٍ بالحظ .
لم يجعلنا الله في الأرض لنعيشَ حياةً مثالية متكاملة، فلو كان كمالًا لصفت الدنيا لمحمد صلى الله عليه وسلم.
لا تشغلنّك بعض الأحلام المستحيلة عن الممكن من الآمال؛ فتضيع منك الآمال وتبقى أسير حلمٍ مطرّز لن يتحقق لأنه يفوق الواقع بمسافات .
هل سمعت بالفقير الذي يحلم بالغنى وبقي فقيرًا!؟وذاك المريض الذي حلُم بالشفاء ثم مات!
والأسير في قاع السجون يحلم بالحرية ولا زالت الزنازن تقيّده! والمُقعد على كرسيّه يحلم بحركة أقدامه على الأرض ، والغريب والبعيد والعاطل وكلُّ الحالمين.. من حقهم أن يحلموا وعليهم الرضا إن لم تتحول أحلامهم واقعًا يطير بأرواحهم فرحًا يعانق السماء !
يا سيّد نفسك : ليست كل الأحلام قابلة للتحقق بل بعض الأحلام نكهتها أجمل وهي حلم، وبعضها تبقى عالقة في عنق أحداث الحياة تنتظر الوجود لكن الله لم يكتب لها أن توجد.
حياتك وأحداثك التي ربما تضجّرت من تفاصيلها هي أمنية لآخر يحلم بجزءٍ منها،
نحن جميعًا في (قيد حلم) ،وتبقى الأحلام دثار أيام العمر في القرّ والصقيع، ويبقى سيّد الأحلام لنا جميعًا ذاك اليوم الذي تضع فيه أقدامك وروحك اللهفى على عتبات الجنّة حيث لا حلُم ولا خيال لأنك في الرحب الذي لا يستطيع أن يتخيله بشر.
مها بنت محمد البقمي
مقالات سابقة للكاتب