وقال في خطبة الجمعة التي ألقاها اليوم من المسجد الحرام: “إننا في هذه الأيام نتقلّب في نعمٍ من الله وافرة وخيرات عامرة، سماؤنا تمطر، وشجرنا يثمر، وأرضنا تخضرّ، فتح لنا أبواب السماء، فعمّ بغيثه جميع أرضنا ، فامتلأت السدود والوديان والنخيل والآبار وارتوت الأرض، فاللهم زدنا من فضلك ورحمتك فانه لا يملكها الا انت، اللهم سقيا رحمة لا سقيا عذاب ولا هدم ولا غرق، مضيفًاً أن الدنيا دار ابتلاءات ومحن والحصيف من تحرز لنفسه ولدينه حتى لا يقع في الفتن ولينجو منها، وأعظم الخلق غرورًا من اغتر بالدنيا وعاجلها، فاثرها على الآخرة، ورضي بها من الاخرة، فمن اعتصم بحبل الله واستنار بنور الله وتمسك بكتاب الله استقام ونجا، ومن أفلت السبب وأغمض عينه عن النور وصدَّ عن الصراط المستقيم، تاه وهلك والعياذ بالله تعالى، وفي هذه الدنيا يسبح الإنسان في بحر الحياة بين أمواج الهواجس والأفكار والوساوس والظنون والأهواء والشهوات وأعاصير الأعراض، والذى خلق الإنسان وخلق فيه أفكاره ووساوسه وغرائزه، وخلق الأعراض التي تحيط به، لم يغفل عنه ولم يُهمله، بل أعطاه عقلاً وبصيرة ، وأرسل إليه رسولاً وأنزل عليه نظاماً يوجهه في مسيرته في هذه الحياة، ومد له سبيًاً متصلاً بشاطئ النجاة وفيه عروة وثيقة لا تفصم، فهو كمثل زورق في بحر لجى يرفعه الموج ويخفضه، وتُحركه الرياح يميناً وشمالاً، فلا بد له من يُوصله ويحدد اتجاهه، ولا بد له من ربان ماهر يعرف الممرات يسير به إلى اتجاه المرسى، فإذا لم يكن كذلك ضَلَّ في المتاهات وغرق .