وقال: اعلموا أن التقوى عروة لا تنفصل، ومعقد لا ينحلّ وثوب لا يخلق وحبل لا يرثّ، فهي كفاية ووقاية ( وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ ), أيها المؤمنون والمؤمنات إننا حين نتصفح كتاب الكون ونقلب صحائفه ونسرح طرف التأمل فيه لنتملّى بدائعه ولطائفه ليصيبنا الدهش، ويتملكنا العجب من هذا الإبداع الرباني الجامع بين الكمال والجمال، كمال الصنعة وجمال الصورة وبين الدقة والرقة, دقة النسج ورقة الوشي في وزان دقيق بين كمال الصنعة وإحكام إنشائها، وجمال الصورة وحسن بهائها، فلا غلبة لأحدهما ولا طغيان (بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لا يَبْغِيَانِ), لا يسع ذو الفطرة السوية حين يتأمل هذا الخلق إلا أن يخر لله ساجداً في محراب العبودية، لما تدعو إليه شواهد الربوبية الناطق بها هذا الخلق العجيب، المنتثرةُ في كل ذرة من ذرات هذا الكون الرحيب.