نجران أرض التاريخ والحضارة

برعاية صاحب السمو الأمير جلوي بن عبد العزيز بن مساعد أمير منطقة نجران تنظم جمعية الآثار والتاريخ بنجران(جاتن) بالتعاون مع جمعية التاريخ والآثار بدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية وبمشاركة جامعة نجران ملتقى نجران تاريخ وحضارة، الذي سيقام بمدينة نجران خلال الفترة من 16-18رجب 1444هـ/ 7-9 فبراير 2023م. وسيقدم  المشاركون في هذا  الملتقى العديد من الأوراق العلمية  حول عدة محاور: تتركز حول تاريخ وآثار منطقة نجران عبر العصور وتراثها التقليدي.

وعندما تُذكر نجران يتبادر إلى الأذهان عمقها الحضاري والتاريخي منذ أقدم الفترات الزمنية ومختلف العصور بأحداثه السياسية وتراثه الثقافي ومعالمه الأثرية. فمنطقة نجران تعتبر  أحد أقدم مناطق الاستقرار البشري  في الجزيرة العربية وربما في قارة اسيا إذ وجد في الجزيرة العربية موقعين أحدهما في شعيب دحضة بمنطقة  نجران والآخر في الشويحطية بمنطقة الجوف يشتملان على ادوات حجرية تعود إلى أقدم حقب العصر الحجري القديم وهي الفترة التي عرفت بالفترة الإلدوانية والتي تؤرخ بنحو مليون ومائتي سنة، ودلت المسوحات الأثرية على استمرار الاستيطان  البشري في منطقة نجران  في كافة عصور ما قبل التاريخ والفترات التاريخية حتى العصر الحاضر دون انقطاع. وفي فترة ما قبل الإسلام ظلت نجران محل اهتمام ممالك جنوب الجزيرة العربية ومركزاً لتنافس تلك الممالك نظراً لموقعها المتميز على طرق القوافل التجارية ومقوماتها الطبيعية.

و يشهد تاريخ نجران بأنها نموذجا للتسامح والتعايش بين أفراد المجتمع، فعندما شع نور الإسلام قدم وفد من نصارى نجران إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في السنة السادسة من الهجرة، فعرض عليهم الإسلام فلم يجيبوه  وطلبوا الصلح، فصالحهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وكتب لهم عهداً بذلك، وجدد لهم هذا الصلح ابو بكر الصديق رضي الله عنه حين ولي الخلافة، أما بقية قبائل نجران فقد إستجابت للإسلام في السنة العاشرة من الهجرة. وعاش المسلمون والمسيحون في آمن وطمأنينة في ظل تعاليم الإسلام ومبادئه السمحة.

تتميز منطقة نجران بمواقع أثرية فريدة من مختلف العصور، ومن أبرز آثارها موقع الأخدود الذي يمثل مدينة نجران القديمة وورد ذكره  في القرآن الكريم في سورة البروج في سياق  قصة أصحاب الأخدود قال الله تعالى(قتل أصحاب الأخدود. النار ذات الوقود) إلى أخر الآيات الكريمة. والأخدود موقع أثري يشتمل على فترات استيطان متعددة يعود أقدمها إلى منتصف الألف الأول قبل الميلاد، ويمتد تاريخه حتى العصر الإسلامي المبكر، ويشتمل على قلعة وبقايا سور وأسواق ومدافن، وسد يروي المدينة ومسجد ومباني مختلفة. وموقع منطقة حمى: وتكمن أهميتها في موقعها  المميز على طريق القوافل القديمة  الذي كان يربط جنوب الجزيرة العربية بحضارات حوض البحر الأبيض المتوسط ووادي الرافدين ومصر وتتفرع منه مسارات تمر بالعديد من المدن والمركز الحضارية في وسط الجزيرة العربية وشمالها وشرقها وشمالها الغربي. وتزخر منطقة حمى بأنواع فريدة من الرسومات الصخرية والكتابات القديمة التي تؤرخ لأحداث تاريخية واجتماعية وتتنوع هذه الكتابات بين خطوط المسند والخط الثمودي  والأرامي والنبطي والكتابات الإسلامية المبكرة. كما يوجد بالموقع العديد من المنشآت الأثرية من مدافن وآبار مياه وأطلال أثرية متفرقة، ولهذه الأهمية لموقع حمى صنف ضمن المواقع ذات القيمة العالمية الإستثنائية وسجل على قائمة التراث العالمي باليونسكو عام 2021م.

ختاماً  كل الشكر والتقدير لسمو أمير المنطقة على رعايته الكريمة لملتقى نجران تاريخ وحضارة وتشكر جمعية الآثار والتاريخ بنجران على مبادرتها بتنظيم هذا الملتقى والشكر موصولاً لجمعية  التاريخ والآثار بدول مجلس التعاون التي تحرص على انتظام واستمرارية ملتقياتها العلمية، والشكر أيضاً لجامعة نجران.  راجياً من الله أن تكلل أعمال هذا الملتقى وجهود  كافة القائمين عليه بالتوفيق والسداد.

د. سعيد بن دبيس العتيبي

 عضو جمعية التاريخ والآثار بدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *