المجاملة بين المدح والذم

المجاملة هي أن تمدح شخص قام بعمل أنت لست راضياً عنه أو جزء منه فتدمحه تطييباً لخاطره ، و لكن هل هذه المجاملة محمودة أم مذمومة؟! ..

إذا قلنا بأنها محمودة سوف يدخل الغرور حينها إلى قلب ذلك الممدوح ، و يعتقد بأن ما قام به عمل جيد و جميل مع العلم بأن فيه النقص و الخلل ، مما يعود عليه و على غيره بالضرر ، و قد يتمادى في تكرار ذلك العمل لما وجده من المدح من أكثر من شخص ، و قد ﻻ يكون الخلل موجود في كامل العمل و إنما جزء منه ..

و إذا قلنا بأنها مذمومة ، سوف يكون هناك كسر لخاطر الممدوح ، أو تحطيم لطموحاته مما يجعله يعزف عن عمل أي شيء مستقبلاً ، و نكون بذلك قد قتلنا فيه حب العمل و التفكير و اﻹبداع ..

الآن و بعد هذا العرض .. أﻻ يوجد أسلوباً لبقاء المجاملة في إطار صحيح لحفظ كرامة و طموحات الممدوح و تشجيعه على مواصلة العمل بطريقة بناءة و مفيدة له و لغيره ؟؟ ..

في نظري هناك أسلوباً لتحقيق ذلك؛ أﻻ وهو أسلوب التوجيه و النصح و اﻹرشاد ، و لكن بشرط أن يتقبل ذلك و أن يكون الناصح و المرشد على دراية تامة بالموضوع و جميع جوانبه ، فينظر لمكان النقص و الخلل فيناقش ثم يوجه لتصحيح الخطأ أو الخلل حتى يصبح ذلك العمل مفيداً للعامل و المستفيد ، و في نفس الوقت نقوي فيه العزيمة بمواصلة التفكير و اﻹبداع ..

نستطيع أن نقول بأن المجاملة نوعان : النوع الأول “مجاملة اجتماعية و هي تكون بين أفراد المجتمع” ، مثل ( تلبية دعوة أو قبول هدية أو زيارة و غيرها) ، فهل ملزمون بالمجاملة إذا كانت المجاملة وراءها مصلحة للداعي أو هدف ينشده و ﻻ يتحقق إﻻ إذا صارت هذه المجاملة ؟! .. و النوع الثاني يتمثل في “المجاملة في مجال العمل” ، و هو المجال الذي يحاكي الخدمات المقدمة للمجتمع و يستفيد منها جميع أفراده .

و قد لقي بعض المجاملين العناء و التعب و اﻹنتقاد ممن تضرر من المجاملة و ما تسببه أحياناً من تعطل لمصالح الناس ، و قد تتسبب في تأخر تطور و نمو المجتمعات ، و هذا ما يحز في النفس و يجعلنا نقف بكل قوة و حزم أمام مثل هذا السلوك الذي يدمر و يذهب مقدرات البلد في مهب الريح .. فأرجو من القراء إيجاد أساليب أخرى لبقاء المجاملة في ثوب جميل .

عبدربه المغربي

مقالات سابقة للكاتب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *