كان دائمًا لك النصيب الأكبر في ذاتي ..
في التفاصيل التي لا يلتفت لها أحد ..
في الإحساس الساكن في داخلي ..
في العمق الذي لا يصل إليه النور ولا يعلم به بشر ..
في صغائر الأمور وأكبرها،التافه منها وعديم القيمة..
وفي الأكثر أهمية والتعقيد ..
في كلماتي والأحرف وفي ضحكاتي وسكوني وتأملاتي وفي تفكيري واتجاهات أفكاري ،في تواجدك حتى في الغياب ..
كانت الأحاديث برفقتك دائمًا أكثر متعة وتصيبني بدهشة كبيرة! فالاطمئنان والراحة التي تسكناني بجوارك عجيبة!
حتى أنني أصبحت أشاطرك كل شيء أو أنت الذي يشاطرني كل شيء.
لا أعلم أيهما الأصح ؟!ولكني على يقينٍ تام أني كنت أحيا في فلك وأدور في مساراتك التي لم أتعدى حدودها ..
فأصبحت أُُقسّم وقتي لتكون حصتك منه هي حصة الأسد دون وعي مني ..
وعندما أعدُّ على أصابع يديّ عدد أصدقائي والأقرب لقلبي؛يكون اسمك هو المتصدر لأول أصبع وعلى الثاني والثالث ولا أشعر إلا عندما أنتهي من الإصبع الأخير وأنا أذكر اسمك عليه ..
حتى عندما أُُقسّم حلوى الفرح التي أحصل عليها من الحياة يكون لك منها جميعها ،ليس لسواك بل وأنا برفقتها ..
حتى تفاصيل يومي الغير مذكورة لا تتجاوزك ..
وفي حزني لم أكن أفضّل مشاركتك لقناعتي أن الحزن لا يليق بك ،وبعينيك ..
كنت أحاول جاهدةً تجميل الحزن وتحسين مظهره لأعرضه عليك بأناقة؛عندما يضيق صدري ذرعًا..
هذا خشية أن يتألم الذي خلف أضلعك والساكن يسارك ..
أحببتك بالكثير من اللطف الممزوج بالعناية وكأن الحُب لم يُخلق إلا لعينيك..
أما الآن ..
أقف أمام ترفي في بذل الإحساس الصادق منبهره !
فقد كان إسرافي في التقدير ذنب لا أعلم كيف أعود عنه تائبة؟!
نادمة لاندفاعي باتجاه واحد.. ليس لأنك لا تستحق كل هذا السخاء ؛بل لأن لنفسي عليّ حق .. وللآخرين كذلك ..
أصبحت لا أستشعر وجود النعم الأخرى وانحصر نظري وقلبي في كيانك ..
فلم أعد أشكر سوى وجودك .. ونسيت البقية ..
وأخاف أن أدخل في زمرة الجاحدين منكري النِعم ..
وتذكرت أن لكل مقام مقال ..ولكل شخص مكانه ..
فالمحبة والود ليست بالكثرة والحصر والانغماس ..
هي بالتقدير والاحترام والاهتمام اللطيف ..
لا تكون بالزيادة حتى تمتليء النفس حدّ التخمة..
ولا بالنقص حتى تجف أواصر المحبة وتتيبس..
الحُب اتزان عاطفي واعي ..
أن يكون القلب نابض بحضور العقل الحكيم ..
لكليهما مسار،إن مال أحدهم أعاده الاخر واستقام ..
حنان السحاري
مقالات سابقة للكاتب