إنَّ القيادة شَّغوفة بصناعة التميّز وإنجاز المهام المناطة بها، وتحسين العمليات وتوزيع الأدوار بين العاملين وتفويضهم، وتحويل ذلك القائد من إدارة المهام إلى إدارة الفريق في تحقيق أهدافه؛ تلك بعض الأدوار التي يمكن أن تخفِّف عن القائد ضغوط العمل والاستمتاع بتحقيق الإنجازات والاحتفال بها مع فريقه.
إنَّ الرؤية التي يضعها القائد بمشاركة فريقه وتحويلها إلى واقع وفق العديد من المبادرات التي تحقِّق ذلك، قد تكون أحد العوامل التي تخفِّف الضغوط على القائد من خلال الهدف المشترك الذي يسعى الجميع إلى تحقيقه. وألا يكون القائد مركزيًّا يهدر طاقات فريقه من خلال أعمالهم وعدم مشاركتهم في اتخاذ القرار، وتفويض العديد من الصلاحيات لهم تساعد في إنجاز المهام المناطة بهم تحت توجيه قائد المنظّمة، سيساعد في تحفيزهم وتشجيعهم على المساهمة في تميُّز المنظمة من خلال جودة العمليات وإتقان المهام التي يؤدّونها.
إنَّ مما يعزِّز من نجاحات القائد وتميُّزه وإدارة فريقه، أن تكون لديه رؤية استشرافيّة للمستقبل للمنظمة التي يقودها ويوجّهها، من خلال فريق متناغمٍ صنَعَ منهم وحدةً واحدة تهدف للتميُّز والجودة، وهذا لا يتحقّق إلّا من خلال تكوين فرق العمل وتميُّزها في تحقيق رؤية المنظمة وإدارة العمليات وتجاوز الصعوبات التي يواجهونها من خلال أسلوب حلّ المشكلات الذي يساهم في تطوير المنظّمة بجودة خدماتها ومنتجاتها.
فالقائد الذي يشارك فريقه بخبراته وتجاربه مع الآخرين ويُشرِكُهم في وضع الخطط والبرامج التي تؤدي إلى تحسين وتطوير المنظمة، يُسهِم في تقليل ضغوط العمل وإدارة الأزمات من خلال بعض السّمات التي يكون القائد مستمِعًا جيِّدًا ومنصِتًا مُلهِمًا في حديثه بوِدٍّ واستماع وتطوير للآخرين، يشاركهم في صناعة القرار وعدم الانفراد به، وكذلك يبني لديهم مفهوم التعلّم الذاتي والتعاون والإنصات والقيادة التشاركيّة.
تتولَّد الحاجة للتطوير أو الشعور بضرورة التطوير والتحسين تحت جملة من التغيرات التي أصبحت توثِّر في المنظمة، وتحثّها على اتخاذ إجراءات تجاه ذلك للبقاء في دائرة المنافسة والتحسين المستمر، وهذا يتطلّب من المطوِّرين أن يكون الإبداع لديهم موجودًا في دائرة التطوير، لأنّه العنصر الذي سيظلّ فاعلًا في عملية التطوير.
فالبرامج والمشاريع التي تحمل في طيّاتها التطوير والتحسين لأنظمة العمل، لم يُكتب لها النجاح البارز في تميُّزها وتأثيرها، دون أن يكون الإبداع جزءًا رئيسًا في عملية التطوير في عملياته كافة، لأنه يحقِّق الشغف والخروج عن المألوف، وبالتالي تحقيق مستهدفات التطوير في رضا العميل الذي يتطلّع دائمًا إلى تجاوز ما يفكِّر فيه من خدمات أو منتجات تميِّز هذا المنتج أو الخدمة عن غيره، وتضعه أمام العديد من الخيارات الإبداعيّة وحلول المشكلات بأسلوب إبداعي.
إنَّ التطوير وقادته المهتمّين بالبرامج التطويريّة وتحفيز العاملين في المنظمة نحو تحسين عملياتها، ووضع المبادرات التي تحقِّق أهداف التطوير وتحسِّن من عملياته، لن يكتب له النجاح ما لم يكُنْ الإبداع جزءًا مهمًّا منه ويؤمنون به ويمارسون مهاراته المختلفة التي تحقِّق الجودة حتى لا يكون سببًا في فشل التطوير وضياع الجهود التي تُبذَل، والإمكانات المهدَرة بسبب عدم إدخال مهارات الإبداع في جوانب التطوير.
فكم من منظَّمة بُنيَت بإحكام وبرنامج خُطِّط بإتقان فشلا، لأنَّ عنصر الإبداع لم يكن موجودًا.
قادة المنظمات، أين الإبداع؟
سؤال سيظلّ يردِّده المخطِّطون في التطوير والمعنيون بوضع الخطط التطويرية، وكذلك المستفيدون من تلك البرامج، أين الإبداع في المنتج أو الخدمة التي تحقِّق شغف الجميع وتُبهرهم بما يحقِّق التميّز ونجاح تلك البرامج.
د. محمد حارب الشريف
مقالات سابقة للكاتب