أعلن صندوق الاستثمارات العامة خلال الأيام الماضية عن إطلاق شركة “كياني” لتعزيز وإلهام الحياة الصحية للمرأة برئاسة صاحبة السمو الملكي الأميرة ريما بنت بندر بن سلطان بن عبد العزيز.
ووفق ما نشرته وسائل الإعلام، فإن الشركة ستركز على صحة ونمط الحياة للأجيال المستقبلية من خلال ست خدمات رئيسة: اللياقة البدنية والملابس الرياضية والعناية الشخصية والعلاجية والتغذية والتشخيص والأكل الصحي ثم أخيراً التثقيف الصحي.
وهي تحرص على الاهتمام في كل ما يخص المرأة وخاصة الصحة النفسية والجسدية والاجتماعية، مستهدفةً الوصولَ الى أكثر من مليون مستفيدة، من خلال تمكين قطاعات الصحة واللياقة البدنية والرفاهية، بهدف الإسهام في بناء المجتمع الحيوي الذي يعتبر أبرز محاور الرؤية التنموية 2030.
لقد جاء هذا الإعلان المبهج في سياق ما تحظى به المرأة من اهتمام ورعاية منحتها سبل التمكين من خلال تعزيز دورها في مختلف الميادين الذي أصبحت من خلاله شريكاً فاعلاً في المشروع التنموي، لافتةً أنظارَ العالم من خلال ما سجَّلته من قصصِ نجاحٍ مُلهمة في مسيرتها العلمية والعملية.
ولعلَّ ما حظيت به المرأة من اهتمام عبر برنامجي (التحول الوطني) و (جودة الحياة) ضمن برامج تحقيق رؤية 2030، يؤكد المُضيَ قُدماً من أجل تمكينها وتشجيع مشاركتها الكاملة وتنمية قدراتها وتطوير مواهبها، وصولاً الى بناء مستقبلها ومساهمتها في دفع عجلة التنمية بعد أن أثبتت بنجاحاتها الاستثنائية قدراتها الفريدة على دعم الاقتصاد الوطني ورفع تنافسية المملكة إقليمياً وعالمياً.
وأمام هذا الزخَم الكبير من الاهتمام الذي حظيت به المرأة يجدر بنا القول: إن دعمَ الخدمات الصحية المقدمة للمرأة، والتي تعزز صحتَها النفسية والذهنية والعامة، هو أحد المكتسبات التنموية التي تساهم في تحقيق التنمية المستدامة، وهو ما يستدعي التوسع فيه من خلال حزمة من البرامج والاستثمارات المختلفة.
لذا نتمنى لو بدأت شركة (كياني) بوضع استراتيجية لتقديم الخدمات الصحية والترفيهية للمرأة في المدن والقرى التي تنقصها تلك الخدمات من خلال إنشاء عيادات ومراكز نسائية متخصصة، مع العناية بالمنتجات الصحية الخاصة بها والتعاقد مع كبرى المؤسسات العالمية لتوفير تلك المنتجات، كما نقترح إنشاء أو التعامل مع مراكز أبحاث متعلقة بصحة المرأة يتم فيها توفير قاعدة بيانات شاملة عن صحة المرأة تمهيداً للاستفادة منها في بناء استراتيجية وطنية لمواجهة المشاكل الصحية ووضع مؤشرات أداء لصحة المرأة لتحقيقها ضمن مشاريع رؤية 2030.
ولعلنا على ثقة بأن الشركة قد وضعت في حسبانها أهمية استثمار التحوُّل الرقمي ومنتجات التقنية في سبيل دعم أنشطتها الخاصة بصحة المرأة، كالتوسع في قطاع التكنولوجيا الصحية النسائية من خلال تطبيقات الهواتف المحمولة، وأجهزة تَتبُّع الصحة العامة لمراقبة الحالة الصحية للمرأة وتحسين الرفاهية العامة.
كما أننا على ثقة بأن التعاون مع قطاع التعليم لم يغبْ عن رؤى “كياني” الاستشرافية من خلال الاستفادة من منصات التعليم لتقديم برامج للتثقيف والتمكين الصحي للطالبات في جميع الأعمار وتوعيتهن بالأنماط الحياتية الصحية والتواصل الإيجابي مع الآخرين واكتساب المهارات الحياتية التي تخرج بهن من دوائر الضغوطات النفسية.
إضافة الى التعاون مع القطاع الرياضي من خلال إنشاء مرافق رياضية مخصصة للنساء، تقدم أنشطة تساهم في تحسين حالتهن النفسية والمزاجية، كرياضة اليوغا، التي تسعى اللجنة السعودية لليوجا تحت مظلة اللجنة الأولمبية والبارالمبية العربية السعودية الى نشر رياضتها وتوسيع قاعدة الممارسين لها وفق ما نشرته (العربية نت) على لسان رئيسة اللجنة. وهو الأمر الذي سينعكس على مخرجاتهن السلوكية التي تُثري منظومتهن الأسرية وتساهم في بناء علاقات اجتماعية مستقرة وسوية.
وأخيراً.. نقترح على الشركة الاستفادة من التجارب الفريدة التي قدَّمتها العديدُ من منظمات القطاع غير الربحي لتمكين المرأة وتعزيز صحتها النفسية والذهنية والجسدية، في إطار خطة عامة يتم من خلالها عقد الشراكات القائمة على منظومة من مفاهيم التكامل وتبادل المنافع مع تلك المنظمات.
ولعل ما قدَّمته جمعيةُ البر بجدة من برامج تمكينيةٍ للمرأة في إطار خدماتها المقدَّمة للأسر، وذلك من خلال التأهيل والتدريب ثم التمكين بالتوظيف، وما قدّمته من برامج لتمكين اليتيمات القاطنات في دور الضيافة، لعله نموذج لحزمة التجارب والممارسات التي نتطلع الى أن تستفيد منها “كياني” في برامجها الاستثمارية التي تستلهم الصحة النفسية والاجتماعية للمرأة.
كما أن هناك العديد من البرامج والمشاريع المجتمعية التي تلامس احتياجات مختلف الشرائح المجتمعية بما فيها المرأة، وهي مقدمة من عدد من تلك المنظمات كمؤسسة الملك خالد الخيرية، وجمعية ماجد بن عبد العزيز للتنمية والخدمات الاجتماعية، هذه البرامج يمكن لشركة كياني الاستفادة منها، إضافة الى الاستفادة من الحلول المعرفية والدراسات التي تقدمها (مجموعة الأغر)، ومؤسسة (موهبة) غير الربحية، وغيرها الكثير من المنظمات التي تدعم التنمية الاجتماعية والاقتصادية وتعمل على بناء منظومة متكاملة من الإبداع والابتكار والنماء..
إن الصحة النفسية والذهنية والعامة للمرأة هي مؤشر يمكن من خلاله قياس مستوى نجاح القطاعات ذات الصلة في تحقيق جودة الحياة وتوفير الأنماط المعيشية الإيجابية المعززة لها.
فلتكن ريادة (كياني) نموذجاً ممتداً للمزيد من المشروعات التي تستثمر من أجل الصحة والرفاهية والنماء.
المستشار الإعلامي لجمعية البر بجدة.
عبد القادر عوض رضوان
مقالات سابقة للكاتب