✒️ما زلت أشعر أن روحي خاوية واهنة ضعيفة وكأنها في صحراء شاسعة يعصف بها البرد القارس فتسير بخطى ثقيلة وكأن على أكتافها الدنيا بهمومها ،
لم تعد روحي كما عهدتها ، وكيف لها أن تعود وقد كُسرت بفقد والدي رحمه الله رحمة الأبرار !
بفقده رحمه الله فقدت الحياة لذتها وزينتها وكأنها دفنت مع جسده الطاهر ، لم نتجاوز فاجعة الفقد ولم نخرج من دائرة الصدمة وكأن ما حصل حلمٌ مزعج بل كابوس جاثم على الصدر بالكاد نلقط أنفاسنا !
بفقده رحمه الله انطفأ شغفي بكل شيء حتى قلمي عجز عن إخراج مكنونه ، ووقف عاجزًا أمام روحي وخفاياها ، فكيف له أن يستطيع أن يصيغ حزن الفقد ويترجمه بالشكل المطلوب !!
لحظات العجز هذه مؤلمة جدًا أتجرع غصتها مرة تلو أخرى
فهذا قلبي بين أضلاعي يكاد ينفطر وتتصدع أركانه وعيني ترى آثار والدي رحمه الله ويترأى لها خياله ، وتسمع صوته وضحكاته رحمه الله رحمة الأبرار المقربين .
لحظات عصيبة جدا جدا انطلق بها لساني بالتضرع والالتجاء لرحمن الدنيا ورحيمهما ، لجوء تذلل واستسلام وخضوع ، ودعوات خرجت من أقصى قلب ينتحب ، شاركته العين بما جادت وفاضت فلم يرده الكريم خائبًا وحاشاه ربي سبحانه ، فمن رفع يديه وقد اجتمع عليه الحزن والضعف والوهن طالبًا من ربه أن يربط على قلبه وأن يمسح عليه فوالله لن يرده إلا وقد ربط على قلبه ربطاً يتعجب منه من هم حوله ، ويكون ذاك الربط قوة ورحمة ، وحبل وصلٍ مع الخالق سبحانه
هو من يعلم خلجات القلب وزفراته ، يعلم ويرى كسور القلب و تصدعاته ، و يعلم انطفاء الروح وغياب بريقها وشدة حاجتها لرحمته الواسعة
فوجع القلب لا يعلم أثره ومقدار ألمه إلا من ضخ في عروقه الدم .
يَارَبِّ بَيْنَ يَدَيْكَ صَمْتِي يَنْطِقُ
وَالدَّمْعُ أَفْصَحُ مَنْ دَعَاكَ وَأَصْدَقُ!
ختامًا :
سبحان القائل في محكم التنزيل :
﴿وَأَصبَحَ فُؤادُ أُمِّ موسى فارِغًا إِن كادَت لَتُبدي بِهِ لَولا أَن رَبَطنا عَلى قَلبِها لِتَكونَ مِنَ المُؤمِنينَ﴾
[القصص: ١٠]
جزء آية عظيمة هي لأوجاع القلب و كسوره
( ربط القلب )
ولا يأتي إلا من عند الرب تبارك وتعالى فاللهم اربط على قلوبنا لنكون من المؤمنين الراضين المسلمين لأمرك الراجين لرحمتك والصابرين لوجهك الكريم.
بدرية العتيبي
مقالات سابقة للكاتب