يعد التنمّر ظاهرة واقعة منذ القِدم وتمارس بأشكال وأساليب مختلفة وبدرجات متفاوته ومع الأسف لاتزال هذه الظاهرة منتشرة وصامدة حتى وقتنا الحالي؛ حيث شكّلت نوعًا آخر من التنمّر، ويعد أكثر شيوعًا ألا وهو (التنمّر الإلكتروني) وأصبحت الظاهرة أشد انفتاحًا وخطورة نظرًا لشدة خصوصية الحسابات الوهمية الغامضة وكثرة انتشارها عبر الإنترنت…، فالمتنمّر هنا يأخذ دور المجهول كي يخرجَ السوء الذي بداخله، فهو لاشك فعل عدواني غير مقبول اجتماعيًا، وينافي معايير وأنظمة المجتمع، والتنمّر الإلكتروني يمكن تعريفه بأنه نوع من أنواع الاساءة بالمعاملة وإذاء الأشخاص، والعبث بما يقدّمونه بوسائل التواصل الاجتماعي، من خلال الرسائل المليئة بالعداوة والكراهية والتّهكم ونشر الأصوات والصور المرئية، أو إفشاء الأسرار المحرجة والخاصة.
يبادر في اذهاننا تساؤل بأن لابد من وجود أسباب لتجعل شخص يقوم بالاساءة للآخرين من خلال الإنترنت.. فما هي الأسباب؟
بدايةً هنا يجب أن نذكر دور الأسرة في التنشئة الاجتماعية، فالأسرة هي المكوّنة لشخصية الفرد في سنواته الأولى، ويوجد علاقة طردية؛ إذا زادت التنشئة السيئة ازداد نسبة التنمّر؛ لذلك سوء التنشئة الاجتماعية تلعب دورها الهام والأساسي في انتشار وارتفاع نسب التنمّر في المجتمعات، وتَعَرُّض المراهقين للأذى النفسي والاجتماعي؛ بحيث يميل سلوكهم في الغالب إلى أن يكون سلوك جانح، وأيضًا اضطرابات العلاقات الاجتماعية تعد سببًا من أسباب الاساءة لاستخدام الإنترنت. حين يغيب القدوة للأبناء ولا توجد رقابة والأسرة متزعزعة ومضطربة غالبًا يمتلك الابن الصفة العدوانية، وممكن من خلال التقليد أيضًا يجعل منهم اشخاص سيئي التعامل، فتنص نظرية التعلم الاجتماعي للعالم (باندورا) أن الأفراد يمكن أن يتعلموا الأنماط السلوكية من خلال الملاحظة والتقليد، لذا فعلى الافراد أن يحسنوا اختيارهم لأصدقائهم والمحيطين بهم. ومشكلة التنمّر تسكب آثارها السلبية المتعددة من جهة على الضحايا والجهة الأخرى على المتنمّرين أنفسهم.
لا بُد أن نشكر الحكومة لجهودها المبذولة للحد من هذه الظاهرة البشعة.
توجد هناك حلول أخرى تساعد على التخفيف والحد من هذه المشكلة وعلى المجتمع مراعاتها، مثل: بث رسائل توعوية في وسائل التواصل الاجتماعي، تبيّن دور الأسرة باعتبارها الخلية الأولى التي يتعامل معها الانسان لذلك على الأسر أن تقوم بتعزيز السلوكيات الحميدة لدى أبنائها وأن جو الأسرة يتخلخل بداخله الاهتمام، والرقابة الشديدة للأبناء حتى نحد من هذه الظاهرة، ويعيش المجتمع بسلام علينا أن نكثف الوعي بقبح هذه الظاهرة، ونقضي على تمددها داخل مجتمعنا.
إلهام الشمري
مقالات سابقة للكاتب