رؤية 2030

أولئك المتعبون العابرون في وسط الصحاري الذين أضاء لهم القمر المسالك و هداهم سواء السبيل ، في لُجج الليل يسيرون مطمئنين لخطاهم؛ لطالما كان السير يتطلب هاديًا  و دليلاً  من القمر المؤنس و البوصلة في أعالي البحار و مواقع النجوم في الليل البهيم إلى آخر ما توصل إليه عقل الإنسان المذهل من وسائل تهديه و تدله حتى في أصعب الظروف الجوية و أقساها .

ما بالنا – إذن – بالأمم التي يجب عليها أن تخطو على بينة من أمرها؛  ( الرؤية ) تمامًا   هذا ما أعنيه و أفكر فيه ” كلمة كبيرة في محتواها ودلالتها قليلة الحروف تفتح أفقاً وآفاقاً ” .. نجدها هنا و هناك تتصدر مداخل الإدارات والمؤسسات تُعبِّر عن هدف أو أهداف عادةً  ما يكون تحقيقها في المستقبل غير المنظور أو المستقبل البعيد.

والرؤية نحتاج إليها حتى على المستوى الشخصي فلكل منا أهداف وأمنيات وأحلام يرسم لها مواعيدًا  و يعمل جاهدًا و ساعيًا  لتحقيقها و هذا بدوره يشمل المؤسسة صغرت أو كبرت ومهما كانت أهدافها أو نوع نشاطها ؛ ووسط هذه الرؤى ظهر محمد بن سلمان يحمل رؤية  لكنها  رؤية بحجم وطن تهوي إليه أفئدة المسلمين، وينتج البترول الذي يحرِّك كل الدواب على هذه المعمورة ويحتل مساحة كبيرة من الأرض و يتنامى عدد سكانه و يظهر أمامه كل صباح تحديًا  جديدًا.

ماذا يمكن لهذه الرؤية أن تحمل في بلدٍ   بلا موارد تقريبًا سوى النفط؟!  تحتل الصحراء معظم مساحته وقليل المطر وجوه حار معظم أيام العام ، و ماذا يمكن أن يحمل المستقبل ونحن نعتمد على مورد ناضب متذبذب السعر ويعمل كل العالم على البحث عن بدائل له وكيف يمكن أن نواجه مستقبلًا  أمام كل هذا ؟!

تم الإعلان عن الرؤية و برامجها و خطوطها العريضة ؛ رؤية لاتخلو من شجاعة ومواجهة و ثقة بالمواطنين والمواطنات الذين هم وحدهم قادرون على تنفيذ الرؤية وإنجاحها ،

و الرؤية في جوهرها تحمل الرحمة إذ إنها ليست كالرأسمالية المتوحشة؛ فلم تنس  محدودي الدخل وأساليب الدعم لهم كما ضمنت مداخيل جديدة توفر الرفاه لكل مواطن وولد و حفيد، كما أنها تسعى جاهدة في كل اتجاهاتها إلى التقليل من الاعتماد على النفط وإحلال مصادر أخرى أكثر موثوقية واستدامة.

لطالما وُصفنا بالمجتمع ( البترولي ) على مدار عقود من الزمن و قد حان الوقت لنغير هذه النظرة إلى الأبد .. إن الرؤية وحدها لا تكفي؛ هي تحتاج إلى الإيمان مني و منك و من كل مواطن ومواطنة ؛ إيمانًا يحققها و ينقلها من حُلُم إلى واقع و من مجرد أفكار إلى حقيقة واقعة ، و إني على ثقة بتحقيق رؤى الأمير الشاب و الشجاع.

ولأني ألبس عباءة التعليم وأحمل آماله و تطلعاته في قلبي؛ فالمعلم و المعلمة و من ورائهم إدارات التعليم و وزارته تقع عليهم مجتمعين مسؤولية التوعية و نشر الرؤية و حملها إلى قاعات الدرس ليس ليُبشروا بعهد جديد و أدوار جديدة لطلابهم فحسب ، بل وأن يتبنى الجميع الرؤية و يسهموا  في تحقيقها ، و لأن التعليم  قاطرة الحضارة والتنوير ولأنه السبيل الوحيد والوحيد فقط للنهضة ومواجهة التحديات ، فإنه من الضروري إلحاق الرؤية بالمنهاج المدرسي بطريقة مشوقة وواضحة وسهلة ، ليتشرَّبها الجيل الذي آمل أن يجني ثمار الرؤية اليانعة والطيبة. 

نقطة آخر السطر :

المملكة العربية السعودية … العمق العربي والإسلامي … قوة استثمارية رائدة … ومحور ربط القارات الثلاث.

زينب الجغثمي

مقالات سابقة للكاتب

8 تعليق على “رؤية 2030

نامق

قراءة هادئة وأنيقة للرؤية لا تخلو من رومنسية مُحبة .

سامي الحربي

مقال رائع من انامل جميله ومبدعه اتمنى لكي التوفيق ياأستاذه زينب

الشيخ

إبداع قلم رصاص من الطراز الأول
وحروف راقية ونظرة ثاقبة
ما شاء الله عليك أستاذة زينب
وهذا ليس غريب على أبناء قديد فهم مصدر كل فكر وابداع

زيد الخريصي

حروف كتبت ببرق الذهب، لمثل هذا فلتكن الكلمة.
شكرًا لكاتبة المقال.

ولد الغربيه

رؤية ٢٠٣٠
مقال رائع واحساس صادق ومشاعر نبيلة .
كاتبه مميزه نتقدم لها بالشكر على المقاله الرائعه
فهي أستاذتنا زينب
قدمت وأنجزت
وكتبت وابدعت
صالت وجالت
انارتنا بكتاباتها و مقالاتها
تبرز لنا كل ماهو جديد في عالمنا الحر
ولا تزال ترقى بِنَا لنتخطى المستحيل بمقالاتها
ثقي اختي انك مثال يحتذي به في الجد والاجتهاد
فيحق لنا ان نفخر بكاتبتنا زينب ونقول لك بارك الله لك في علمك وجعلكي ذخر لنا

محمد الرايقي

كاتبتنا زينب تعودنا منها دائما التميز
فلا غرابة في ذلك
اما مقالها فهو من افضل المقالات التي قرأتها حول الرؤية 2030
متمنيا لها كل تقدم وتميز.

ام ريان

مقال رائع صنع املاً ،وقتل الماً ،اوضح الرؤية وزاد من فهم الفكره..
دمتِ ذخراً أختي المبدعه …

محمد صامل الصبحي

أشاطر الكاتبة في هذه القراءة التفاؤلية التي بنيت على حيثيات منطقية جدا .. إلا أنني أستدرك فيما يتعلق بالمناهج ، فليس لدينا أزمة في المنهج المدرسي كما تصورها أقلام كثير من الكتاب الذين ليس لديهم دراية كافية بالتطور المطرد الذي خضعت له مناهجنا في السنوات الأخيرة ، إلا أننا بحاجة ماسة إلى نظم إدارية فاعلة تضمن تفاعل الميدان التربوي وأدائه وتستثمر طاقاته بما يواكب التطور الذي طرأ على المناهج كأن تربط العلاوات بالأداء الوظيفي ، وتفعّل مراتب المعلمين والمعلمات وفقا لانتاجيتهم وغير ذلك من النظم المعمول بها في الدول المتقدمة .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *