يعمل حاليا فريق بحثي بجامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية على تقييم نموذج لاستزراع الشعاب المرجانية تمهيدا لنقل التجربة من المعمل وتنفيذ أكبر مشروع في العالم لاستزراع 100 هكتار (واحد كيلومتر مربع) من الشعاب المرجانية لإحياء ساحل جزيرة شوشة بالبحر الأحمر.
ويقول د.سباستيان شميت الباحث بمركز دراسات البحر الأحمر بكاوست إن الشعاب المرجانية هي بيئة حاضنة لنمو وتكاثر 30% من الكائنات البحرية. كما أن لها أهمية كبرى لحماية السواحل وتنمية الثروة السمكية والسياحة والرياضات البحرية. وحسب التقارير الدولية فخلال الخمسين عاما الماضية خسر العالم ثلث الشعاب المرجانية بسبب الانبعاثات الكربونية وتأثيرها على الحياة البحرية والمناخ. ونظرا لأهمية الشعاب المرجانية لتحقيق التوازن البيئي في البحار والحفاظ على الكثير من أنواع الأسماك والكائنات البحرية من الانقراض يعمل حاليا فريق بحثي بجامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية على تصميم منظومة اقتصادية وصديقة للبيئة لاستزراع الشعاب المرجانية في المناطق التي تعاني من تلف وقلة الشعاب على امتداد ساحل المملكة العربية السعودية.
ويقول د. مانويل أراندا رئيس الفريق البحثي بجامعة كاوست إنه على الرغم من الجهود والمساعي الدولية لاستزراع الشعاب المرجانية إلا أنها إلى الآن لم تحقق المرجو منها. ونظرا للتكلفة المرتفعة وقلة الخبرات الفنية المدربة على استزراع الشعاب المرجانية فأغلب المشروعات الدولية تتم على مساحات لا تتعدى 500 متر مربع في المتوسط، في حين أن المستهدف يجب أن يتخطى ذلك بكثير. ومع تصاعد وتيرة التغيرات المناخية فإن الوقت ليس في صالحنا ونحتاج لابتكار حلول عملية وسريعة تساعد على استزراع مساحات كبيرة في وقت قليل وانتقاء أنواع الشعاب المرجانية القادرة على التواؤم والتكاثر وتقليل الوقت والجهد البشري. لإتمام الاستزراع.
لكل ما سبق صمم الفريق البحثي بجامعة كاوست مجموعة من الأدوات المستدامة الغير ضارة بالبيئة حيث يتم الاستعانة بتلك الخامات لتكوين هيكل جاذب لنمو وتكاثر الشعاب المرجانية وجذب الكائنات البحرية لتكوين المستعمرات وإحياء المناطق التالفة. وكما يوضح د. مانويل فإن تلك التصميمات الهيكلية والخامات مستوحاة من أسلوب إنشاء المباني في الماني والمعروف باسم “باوهاوس” حيث يعتمد على تنفيذ تصميمات عملية، اقتصادية ومستدامة وهو ما يشجع على تكرار ذلك النموذج من الاستزراع بكافة دول العالم بما في ذلك سواحل الدول النامية. وحسب التقديرات فإن تلك المنظومة الجديدة تساعد على سرعة تشييد البيئة الجاذبة لنمو الشعاب المرجانية حيث يمكن لست غواصين تثبيت 90 وحدة وهو ما يعادل توفير البيئة الجاذبة لإحياء وتعمير 250 مترا مربعا من الشعاب المرجانية خلال نصف يوم فقط. ومن الجدير بالذكر أن تلك الدراسة نشرت حديثا في دورية علوم البحار العالمية.