صدقتك تطفئ خطيئتك

بسم الله، و الحمد لله، و الصلاة و السلام على رسول الله و بعد:

أخي في الله حفظك الله و وفقك لحسن عبادته ورضاه , اعلم يرحمك الله برحمته أن الله تعالى خلق الإنسان لعبادته، قال تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنْسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات:56 نعم خلقنا لعبادته , و لكن هذه العبادة يعتريها منّا نقص إمّا بالتقصير في الواجبات أو بارتكاب المعاصي و السيئات و كلنا ذلك, فمن فضل الله علينا – و قد علم بعلمه الأزلي أننا سوف نقصر في عبادته – شرع لنا من الأعمال ما يكون سبباً لسد ذلك النقص و كماله و منها الصدقة . قال صلى الله عليه وسلم : { و الصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار} .. ( صحيح سنن الترمذي ) ، و أفضل الصدقات الصدقة الجارية نفعها  في الدنيا و بعد الممات.

قال الرسول صلى الله عليه و سلم: «إِذَا مَاتَ الإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَمَلُهُ إِلا مِنْ ثَلاثٍ: ذكر منها صدقة جارية ُ» (رواه مسلم: [3084]).
قال النووي رحمه الله في شرح مسلم: “قَالَ الْعُلَمَاء: مَعْنَى الْحَدِيث أَنَّ عَمَل الْمَيِّت يَنْقَطِع بِمَوْتِهِ، وَيَنْقَطِع تَجَدُّد الْثوَاب لَهُ، إِلا فِي هَذِهِ الأَشْيَاء الثَّلاثَة وذكروا منها الصَّدَقَة الْجَارِيَة، وَهِيَ الْوَقْف” انتهى.  .قال تعالى (وَ أَنفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَ عَلَانِيَةً) قال الشيخ ابن عثيمين معلقاً على هذه الآية في المفاضلة بين صدقة السر و الإنفاق في المشاريع الخيرية  يقول : إخفاء الصدقة أفضل بلا شك إلا أنه ربما يعرض لهذا الأفضل ما يجعله مفضولا كالإنفاق في المشاريع الخيرية و التي ليس لأحد بعينة منّة على المنفَق عليه.

ولهذا امتدح الله سبحانه وتعالى في الآية الذين ينفقون سراً و علانية على حسب ما تقتضيه المصلحة .. انتهى.

و مفهوم كلام الشيخ أن المفاضلة إذا كانت بين ما ينفق على المشاريع الخيرية كالوقف – و صدقة السر, فما ينفق على المشاريع الخيرية أفضل من صدقة السر , و ذلك لما ذكره الشيخ  من عله حيث قال: والتي ليس لأحد بعينة منّة على المنفَق عليه. وإن كانت المفاضلة في الصدقة المقطوعة بين صدقة  السر و العلانية فصدقة السر أفضل من صدقة العلانية.

قال العلماء في الفرق بين الصدقة الجارية و الصدقة المقطوعة ، قالوا : و أما ما لا يستمر ثوابه كالصدقة المقطوعة سواء كانت نقوداً أو إطعام الفقراء و المساكين- فإنه لا يصح أن تسمى صدقة جارية، و إن كان فيها ثواب عظيم .

أخي في الله وفقك الله لما يحب ويرضى , الصدقة الجارية نفعها يتبعك بعد مماتك , سعة في قبرك و ظلاً لك يوم محشرك ، قال رسول صلى الله عليه وسلم: «كُلّ امْرِئٍ فِي ظِلِّ صَدَقَتِهِ يوم القيامة، يوم تُدْنَى الشمسُ من رؤوس العباد، حَتَّى يحكم الله بين الناس» (رواه أحمد: [16882]، و صحَّحه الألباني في صحيح الجامع: [4510]) .. و الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله.

 

نافع ثابت الصحفي

مقالات سابقة للكاتب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *