أبتاه..
لطالما وضعتُ رسائلي في جيب ثوبك، وعندما تستيقظ صباحًا تجدها، فأحيانًا تناقشني فيما كتبت، وأحيانا تعاتبني.. وأحيانًا تحتفظ بها وتكرر قراءتها..
واليوم أضع رسالتي هذه في جيب سُترتك وأعلم أنك لن تقرأها أبدًا، وستظل جامدة في جيبك الدافئ حتى تحترق بين أضلعي أو تمزقها أدمعي..!
أبتي..
لأخبرك أنني
أدركتُ زمانًا وجه عالمه بدا لي ضبابيًّا، وصوته متغمغمًا،أبصر في عينيه انطفاء الحكمة،وخلف لثام تبسمه اللؤم والمكر!
لم تعد الحياة صافية للساعي فيها؛ بل مخبوء تحت ردائها البرّاق لدغات حيّات، ومكر ثعالب، وخيانة ذئاب..!
النقي – يا أبتي- فيها يتعثر مرارًا، ولربما سقط بلا نهوض يعيده للسعي من جديد..!
أظن أن العالم امتهن الوحشيّة في التعامل، والسعي، وكلّ شيء.!
لذا بدأ البعض يتخبط في عشوائيته، والبعض ينعزل في زاويّة من زوايا الحياة فيعيش حياة لم تكن يومًا في مخيلته..!
أتعلم أننا لا نشعرُ باليوم إلا حين نفقده في الغد، كأن الأيام تسحب من تحت أقدامنا بساط البركة في العمر.. الأوقات.. اللحظات..!
نحن والأيام في سباقٍ مريب بل مفجع!
نتعثر بأحلامنا التي لم نستطع تحقيقها في العالم السريع جدًا…!
والبعض فقد أحلامه أو بالأحرى أحلامه قد فقدته..!
أبتي..
أحتاج لأتحدث معك، لأسمع صوت حكمتك، لأشعر بشدتك وحزمك المتزن..!
وكل الناس يا أبتي مياهٌ
و وحدك زمزمٌ يروي فؤادي
دولة بنت محمد الكناني
مقالات سابقة للكاتب