وصايا مختلفة

الوصية كنز لمن عرف قيمتها وعرف بأنها لا تصدر إلا من قلب مشفق محب.

وبين وصايا المحبين جميعهم تأتي وصايا النبي محمد صلى الله عليه وسلم أعظم الوصايا وأنقاها؛ فلا مصلحة ذاتية من وراء ذلك؛ إنما طاعة لأمر الله وتبليغًا لرسالته، وحبًا لأمته وشفقة عليهم، كيف لا وهو الذي سيشفع لنا يوم الفزع الأكبر ..

قال تعالى:
﴿ فَإِذَا جَاۤءَتِ ٱلصَّاۤخَّةُ ۝٣٣ یَوۡمَ یَفِرُّ ٱلۡمَرۡءُ مِنۡ أَخِیهِ ۝٣٤ وَأُمِّهِۦ وَأَبِیهِ ۝٣٥ وَصَـٰحِبَتِهِۦ وَبَنِیهِ ۝٣٦ لِكُلِّ ٱمۡرِئࣲ مِّنۡهُمۡ یَوۡمَىِٕذࣲ شَأۡنࣱ یُغۡنِیهِ ۝٣٧﴾

يوم أن يتخلى عنك الأقربون يأتي محمد عليه افضل الصلاة والسلام مشفقًا شفيعًا.

وفي الحديث الصحيح أنَّ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ تَلا قَوْلَ اللهِ عزَّ وجلَّ في إبْراهِيمَ: {رَبِّ إنَّهُنَّ أضْلَلْنَ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ فمَن تَبِعَنِي فإنَّه مِنِّي} [إبراهيم: 36] الآيَةَ، وقالَ عِيسَى عليه السَّلامُ: {إنْ تُعَذِّبْهُمْ فإنَّهُمْ عِبادُكَ وإنْ تَغْفِرْ لهمْ فإنَّكَ أنْتَ العَزِيزُ الحَكِيمُ} [المائدة: 118]، فَرَفَعَ يَدَيْهِ وقالَ: اللَّهُمَّ أُمَّتي أُمَّتِي، وبَكَى، فقالَ اللَّهُ عزَّ وجلَّ: يا جِبْرِيلُ اذْهَبْ إلى مُحَمَّدٍ، ورَبُّكَ أعْلَمُ، فَسَلْهُ ما يُبْكِيكَ؟ فأتاهُ جِبْرِيلُ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ، فَسَأَلَهُ فأخْبَرَهُ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ بما قالَ، وهو أعْلَمُ، فقالَ اللَّهُ: يا جِبْرِيلُ، اذْهَبْ إلى مُحَمَّدٍ، فَقُلْ: إنَّا سَنُرْضِيكَ في أُمَّتِكَ، ولا نَسُوءُكَ.

أيها القراء الكرام:
وصايا نبينا الكريم شاملة جوانب الحياة الأسرية والاجتماعية، وإن جهلها البعض فالجميع محتاج إليها.

أيها الفضلاء:
وصايا نبينا الكريم خلدها التاريخ إلى يومنا هذا، وستبقى إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.
وقد استفاد منها المسلمون وغيرهم، وهذا ما يدل على صدقها وعظمها وأنها معجزة كما هي رسالة نبينا عليه الصلاة والسلام ، والذي قال عنه رب العزة والجلال: ( وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى ) وصاياه عظيمة تنير لنا كل عتمة في هذه الحياة.

ولأن الإنسان خلق هلوعًا إذا مسه الشر جزوعًا، فهو يحتاج لتلك الوصايا، يحتاج أن يتذكرها ويذكر بها غيره؛ لتسير عجلة الحياة وفق ما أراد الله لنا .

الضعف البشري طبيعة لا أحد ينكرها، والقوة البشرية لن تكون إلا بالله واتّباع شرعه.

يذكر أحدهم أنه وجد عبارة على لوحة واجهة أحد المستشفيات في ألمانيا، وقد كتب عليها:
( لاتغضب ) وقد كررت ثلاث مرات، وعلم بعد ذلك أنهم أخذوها من حديث الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام ، وأن لديهم دراسة تثبت أن الغضب يضر بالجسم وله علاقة ببعض الخلايا التي تسبب أمراضًا خطيرة.

وصايا نبينا محمد عليه الصلاة والسلام، وصايا من لا ينطق عن الهوى، إن هو إلا وحي يوحى.

عن عمر بن أبي سلمة رضي الله عنهما قال: (كنت غلامًا في حجر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكانت يدي تطيش في الصحفة، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يا غلام، سمِّ اللهَ، وكُلْ بيمينك، وكُلْ مما يليك))، فما زالت تلك طُعمتي بعد). متفق عليه

إن قدوتنا في الالتزام بالوصية وتقديمها لمن يحتاجها هو صاحب تلك الوصايا المختلفة عليه الصلاة والسلام.

” قَامَ رَسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم حِينَ أنْزَلَ اللَّهُ: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ} [الشعراء: 214]، قالَ: يا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ -أوْ كَلِمَةً نَحْوَهَا- اشْتَرُوا أنْفُسَكُمْ؛ لا أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللَّهِ شيئًا، يا بَنِي عبدِ مَنَافٍ، لا أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللَّهِ شيئًا، يا عَبَّاسُ بنَ عبدِ المُطَّلِبِ، لا أُغْنِي عَنْكَ مِنَ اللَّهِ شيئًا، ويَا صَفِيَّةُ عَمَّةَ رَسولِ اللَّهِ، لا أُغْنِي عَنْكِ مِنَ اللَّهِ شيئًا، ويَا فَاطِمَةُ بنْتَ مُحَمَّدٍ، سَلِينِي ما شِئْتِ مِن مَالِي، لا أُغْنِي عَنْكِ مِنَ اللَّهِ شيئًا.،،أخرجه البخاري، ومسلم.

همسة :
تذكروا وأنتم تُذكرون أنفسَكم وغيرَكم بتلك الوصايا الخالدة، أن تتمثلوا حديث النبي- عليه الصلاة والسلام- ( لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه مايحب لنفسه ).

أ.فاطمة بنت إبراهيم السلمان

مقالات سابقة للكاتب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *