“مصعب ابن عمير القرشي “
مصعب بن عمير القرشي ، يكنى أبا محمد ، كان من فضلاء الصحابة و خيارهم، و من السابقين إلى الإسلام ، أسلم في دار الأرقم ، وكتم إسلامه خوفا من أمه و قومه .
كان الصحابي الجليل مصعب بن عمير فتى مكة شباباً و جمالاً ، و كان أبواه يحبانه، و كانت أمه تكسوه أحسن ما يكون من الثياب، و كان أعطر أهل مكة، و كان رسول الله يذكره و يقول: “ما رأيت بمكة أحسن لمة و لا أنعم نعمة من مصعب بن عمير”.
أسلم على يديه سعد ابن معاذ و أسيد ابن حضير ، و كان مصعب بن عمير حامل لواء المسلمين في غزوة أحد، إذ لما كانت غزوة أحد، سأَل رسول الله : “من يحمل لواء المشرِكين؟”، قيل: بنو عبد الدارِ. قال: “نحن أحق بالوفاء منهم. أين مصعب بن عمير؟”، قال: ها أنا ذا، قال: “خذ اللواء” ، فأخذه مصعب بن عمير، فتقدم به بين يدي رسول الله صلى اللَّهُ عليه وسلم .
و قاتل مصعب بن عمير دون رسول الله و معه لواؤه حتى قتل، فكان الذي أصابه ابن قميئة الليثي، و هو يظن أنه رسول الله ، فرجع إلى قريش فقال: قد قتلت محمداً ، فلما قتل مصعب أعطى رسول الله علي بن أبي طالب اللواء و مر رسول الله على مصعب بن عمير (بعد أن استشهد) فوقف عليه، ودعا، وقرأ : “( رِجالٌ صَدَقُوا مَا عاهَدُوا اللَّهَ عَلَيهِ فَمِنهُمْ مَنْ قَضى نحبَهُ وَمِنْهُم مَن يَنتَظِرُ وَما بَدَّلُوا تَبدِيلا ) ، أشهد أن هؤلاء شهداء عند الله يوم القيامة، فأْتوهم وزوروهم وسلموا عليهِم، والذي نفسي بيده، لا يسلم عليهم أحد إلى يوم القيامة إلا ردوا عليه”.
و مر رسول الله على مصعب ابن عمير، وهو مقتول في بردة، فقال: “لقد رأيتك بمكة وما بها أحد أَرق حلةً ولا أَحسن لمّةً منك، ثم أنت شعث الرأس في بردة” ، ثم أمر به يدفن ، ونزل في قبره أخوه أبو الروم، و عامر بن ربيعة، و أقبلت حمنة بنت جحش و هي زوجة مصعب ، فقال لها رسول الله : “يا حمن، احتسبي”، قالت: من يا رسول الله؟ قال : “خالك حمزة”. قالت : إنا لله وإنا إليه راجعون، غفر الله له و رحمه، فهنيئاً له الشهادة ، ثم قال لها: “احتسبي”، قالت: من يا رسول الله؟ قال : “أخوك”، قالت : إنا لله وإنا إليه راجعون، غفر الله له ورحمه، هنيئاً له الجنة، ثم قال لها: “احتسبي”، قالت : من يا رسول الله؟ قال: “مصعب بن عمير”، قالت: وا حزناه ! و يقال إنها قالت : وا عقراه! فقال رسول الله : إن للزوج من المرأة مكانًا ما هو لأَحد ، ثم قال لها رسول الله : “لم قلت هذا ؟ “، قالت: يا رسول الله ، ذكرت يتم بنيه فراعني، فدعا رسول الله لولده أن يحسن عليهِم من الخلف ، فتزوجت طلحة بن عبيد الله فولدت له محمد بن طلحة ، و كان أوصل الناس لولده ، وكانت حمنة خرجت يومئذ إلى أُحد مع النساء يسقين الماء.