“حرام بن ملحان الأنصاري“
هو حرام بن ملحان الأنصاري خال أنس بن مالك رضي الله عنه ، شهد مع رسول الله غزوة بدر وأُحد وهو أحد أصحاب قصة بئر معونة حين قدم أبو براء عامر بن مالك بن جعفر (ملاعب الأسنة ) على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فعرض عليه الإسلام ودعاه إليه فلم يسلم ولم يبعد عن الإسلام وقال يا محمد لو بعثت رجالاً من أصحابك إلى أهل نجد فدعوتهم إلى أمرك رجوت أن يستجيبوا لك فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ” إني أخشى أهل نجد عليهم ” قال أبو براء أنا لهم جار فابعثهم فليدعوا الناس إلى أمرك فبعث رسول الله صلّى الله عليه وسلّم المنذر بن عمرو في سبعين رجلاً من أصحابه من خيار المسلمين فساروا حتى نزلوا بئر معونة وهي بين أرض بني عامر وحرة بني سليم ، كلا البلدين منها قريب وهي إلى حرة بني سليم أقرب فلما نزلوها بعثوا حرام بن ملحان بكتاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إلى عدو الله عامر بن الطفيل فلما أتاه لم ينظر في كتابه فأوصى أحد حرَّاسه أن يأتي من خلفه ويطعنه في ظهره، والرسل لا تُقتل، وجاء الحارس من خلفه وطعنه بحربة كبيرة من خلفه فخرجت من بطنه، فلما رأى حرام ذلك، أخذ الدم الذي يسيل من جسده ويدهن به وجهه وهو يقول: “فزتُ وربِّ الكعبة”.
صاح عامر ابن الطفيل عدو الله في قومه بني عامر لقتال باقي الصحابة فأبوا أن يجيبوه إلى ما دعاهم إليه وقالوا لن نغدر ونحفر أبا براء وقد عقد لهم عقداً وجواراً فاستصرخ عليهم قبائل من سليم عصية ورعلاً فأجابوه إلى ذلك ثم خرجوا حتى غشوا القوم فأحاطوا بهم في رحالهم فلما رأوهم أخذوا سيوفهم فقاتلوهم حتى قتلوا آخرهم رحمهم الله إلا كعب بن زيد أخا بني دينار بن النجار فإنهم تركوه وبه رمق فارتث من بين القتلى فعاش حتى قتل يوم الخندق شهيداً رحمه الله.
لقد كانت مأساة بئر معونة قاسية على المسلمين؛ فهم من القُرَّاء ومن الدعاة ومن العلماء، وظل الرسول عليه الصلاة والسلام يقنت شهرًا كاملاً يدعو على عامر ورعل وذكوان في كل صلواته حتى الصلوات السرية.
يقول أنس ما رأيت رسول الله حزن حزناً أشد منه على أصحاب بئر معونة وكان ذلك في شهر صفر في السنة الرابعة للهجرة.