مصابيح الهدى (٦) : عبدالله بن رواحة رضي الله عنه

عبد الله بن رواحة بن ثعلبة الأنصاري الخزرجي

هو أبو محمد عبد الله بن رواحة بن ثعلبة الأنصاري الخزرجي ، صحابي كان يكتب في الجاهلية و يقول الشعر، شهد العقبة نقيباً عن قومه ، أثنى عليه النبي صلى الله عليه و سلم فقال: «رحم الله عبد الله بن رواحة إنه يحب المجالس التي تتباهى بها الملائكة» ، و قال أيضا: «نعم الرجل عبد الله بن رواحة».
 
وروي أنه أتى النبي وهو يخطب فسمعه يقول : اجلسوا ، فجلس مكانه خارج المسجد حتى فرغ النبي من خطبته، فقال له: زادك الله حرصاً على طواعية الله وطواعية رسوله ، وكان أول خارج إلى الغزو وآخر قافل منه.
 
هو شاعر الرسول صلى الله عليه وسلم مجاهداً بسيفه ولسانه .. كان أحد القادة الذين أولاهم الرسول صلى الله عليه وسلم قيادة الجيش في غزوة مؤته ، حين تجهز الناس ثم تهيئوا للخروج ، وهم ثلاثة آلاف ، فلما حضر خروجهم ودع الناس أمراء رسول الله صلى الله عليه وسلم وسلموا عليهم ‏،  فلما ودع عبدالله بن رواحة من ودع من أمراء رسول الله صلى الله عليه وسلم بكى ؛ فقالوا ‏:‏ ما يبكيك يا ابن رواحة ‏؟‏ فقال ‏:‏ أما والله ما بي حب الدنيا ولا صبابة بكم ، ولكني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ آية من كتاب الله عز وجل ، يذكر فيها النار ‏(‏ وإن منكم إلا واردها كان على ربك حتما مقضياً ‏)‏ فلست أدري كيف لي بالصدر بعد الورود ؛ فقال المسلمون ‏:‏ صحبكم الله ودفع عنكم ، وردكم إلينا صالحين ؛ فقال عبدالله بن رواحة ‏:‏
 
لكنني أسأل الرحمن مغفرة ….. و ضربة ذات فرغ تقذف الزبدا
أو طعنة بيدي حران مجهزة ……. بحربة تنفذ الأحشاء و الكبدا
حتى يقال إذا مروا على جدثي .. أرشده الله من غاز و قد رشدا

قال ابن إسحاق ‏ ‏:‏ فلما قتل جعفر أخذ عبدالله بن رواحة الراية ، ثم تقدم بها ، و هو على فرسه ، فجعل يستنزل نفسه ، و يتردد بعض التردد ، ثم قال ‏:‏ 
 
أقسمت يا نفس لتنزلنه ….. لتنزلن أو لتكرهنه
إن أجلب الناس وشدوا الرنه .. ما لي أراك تكرهين الجنة
قد طال ما قد كنت مطمئنة .. هل أنت إلا نطفة في شنة

يريد صاحبيه ‏:‏ زيداً و جعفراً ؛ ثم نزل فلما نزل أتاه ابن عم له بعرق من لحم فقال ‏:‏ شد بهذا صلبك ، فإنك قد لقيت في أيامك هذه ما لقيت ، فأخذه من يده ثم انتهس منه نهسة ، ثم سمع الحطمة في ناحية الناس ، فقال ‏:‏ وأنت في الدنيا ‏!‏ ثم ألقاه من يده ، ثم أخذ سيفه فتقدم ، فقاتل حتى قتل ‏،‏ فاستلم الراية خالد بن الوليد وانسحب بالجيش و عاد إلى المدينة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *