“سراقة بن مالك المدلجي الكناني“
هو الصحابي الجليل سراقة بن مالك سيد بني مدلج أحد أشراف قبيلة كنانة، و كان في الجاهلية من أشراف العرب المرموقين، و من أصحاب المروءات المعدودين عداً، يجير المستجير، و يطعم الجائع، و يؤمن الخائف، و هو شاعر مخضرم، و سيد له حضور مهيب.
عندما هاجر النبي صلى الله عليه وسلم و معه أبو بكر الصديق من مكة إلى المدينة، أعلنت قريش عن جائزة “مائة ناقة” لمن يجدهما، فتسابق فرسان قريش الشباب، للإمساك بهما ، و لم ينجح منهم أحد، فرجعوا خائبين بعد تنافس عسير لاثبات قدراتهم في تقصي الأثر، و كان سراقة يتتبع الأثر و يتقصاه ببراعة بالغة ، فتشجع و طمع في الجائزة، و همَّ يبحث عنهما في أرض قاحلة، فإذا هم قد لاحا له من بعيد تشجع ليقترب و في كل مرة كانت فرسه تتعثر أكثر، ليقع عنها و من ثم يعتدل عازماً إكمال الطريق، و لما دنا و اقترب من أبي بكر و الرسول بكى أبو بكر رضي الله عنه فقال له الرسول صلى الله عليه و سلم لم تبكي؟ فقال أبو بكر لست أبكي عليَّ و إنما عليك، فدعى رسول الله على سراقة “اللهم اكفناه بما شئت” فساخت قدما الحصان في الرمال و صار يغرق، فاستنجد به سراقة قائلاً: “يا محمد، لقد علمت أن هذا عملك، فادع الله أن ينجيني مما أنا فيه، فوالله لأعمين على من ورائي من الطلب، فدعا له رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأطلق ورجع إلى أصحابه” .
و قال له الرسول قبلاً : ” كيف بك إذ لبست سوارى كسرى ، فقال سراقة: كسرى بن هرمز، فقال رسول الله : نعم” و لسان حال سراقه يقول طريداً شريداً و تعدني بسوار كسرى ؟ و أسلم سراقة بعدما فتح الله مكة و فرغت غزوة الطائف و حنين، فخرج سراقة إلى مكة و معه الكتاب، و حين وصلها، تصدى له بعض القوم، فدنى من رسول الله صلى الله عليه وسلم قائلاً: ” يا رسول الله، هذا كتابك لي، و أنا سراقة بن مالك بن جشعم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” هذا يوم وفاء وبر ، أدنه” فدنا منه سراقة و أسلم.
و في خلافة عمر فتحت بلاد فارس وجاءت كنوز كسرى و لبس سراقه سواري كسرى و هو يبكي و يقول لقد وعدني رسول الله هذا حين طاردته و هو مهاجراً من مكة .
و توفي سراقة بن مالك رضي الله عنه سنة 24 هجري، في زمن عثمان بن عفان، و بعد موته طوى التاريخ الاسلامي صفحة رجل و صحابي جليل، أطاع الله و أطاع رسوله.