إنّما الأعمال بالخواتيم

بسم الله و الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله و بعد :

أخي الصائم – يحفظك الله – أنت اليوم تعيش أول أيام العشر الأواخر من رمضان و هي أفضل أيامه ، جاء في الصحيحين ، عن أم المؤمنين عائشة – رضي الله عنها- أنها قالت “كان إذا دخل العشر الأواخر -تحكي عن النبي صلى الله عليه وسلم- شد مئزره، وأحيا ليله، وأيقظ أهله”.

فيا عبد الله – أثابك الله و وفقك – إن قصرت في أوله فلا يفوتك آخره ( فإنّما الأعمال بالخواتيم) رواه البخاري.

قال بعض العلماء في شرح قوله صلى الله عليه و سلم بالخواتيم قالوا : أن من انتقل من العمل السيئ إلى العمل الأحسن يعتبر تائبًا.

اعلم أخي الصائم القائم أنك تقوم بعمل جليل عظيم تقاس على أجره فضائل الأعمال , قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( إن المؤمن ليدرك بحسن خلقه درجة الصائم القائم ) … صحيح على شرط مسلم.

فانظر يا عبد الله , حسن الخلق و هو من أفضل الأعمال يقاس على درجة الصائم القائم ، و مع هذا الفضل العظيم للصيام و القيام تجد منّا من يفرط في صيامه فلا يظهر أثر صيامه على تصرفاته , و يفرط في القيام فلا يقوم مع إمامه.

كم وعظ الواعظون و رغبوا في تعظيم حرمة الصيام و في فضل القيام مع الإمام حتى ينصرف , و الناس على حالهم إلا من رحم ربك و قليل من هم.

إذا كان هذا الحال أصبح ظاهرة يشتكي منها أئمة المساجد ، فما المخرج ؟ .. أقول و بالله التوفيق أن الوعظ و الترغيب في تعظيم حرمة الصيام و فضل القيام دون معرفة سبب التقصير غير مجدي غالباً ؛ فلو وقف المقصر على سبب تقصيره ربما تلافاه ، فما أسباب هذه الظاهرة و ما علاجها ؟

أخي الصائم – اعلم حفظك الله و رعاك – أن الناس في شهر الصيام ثلاثة أقسام : قسمٌ يوم صيامه كيوم فطره , فلا أثر لصيامه على تصرفاته , فقد أطلق بصره و سمعه و لسانه العنان فيما حرم الله , فصيامه على العادة و ليس على العبادة , و ذلك لأنه لم يستحضر نية أجر الصيام , فحرم أجره و حرم القيام , فتراه لم يقم مع إمامه و لو ليلتين متتاليتين؛ فالجزاء من جنس العمل.

و قسمٌ استحضر نية أجر الصيام و عرف حرمته فصام بصره و سمعه و لسانه و كل جوارحه عمّا حرم الله ، و لكن بعد فطره لم يصم بصره ولا سمعه ولا لسانه ، فيحرم من عبادة القيام مع الإمام بقدر تفريطه في المحارم.

والقسم الثالث من الناس هو أفضل الأقسام الثلاثة, استحضر نية أجر الصيام فعظّم حرمته فصام بصره و سمعه و لسانه و سائر جوارحه عما حرم الله , و بعد أن أفطر استمر صيام جوارحه عمّا حرم الله ’ فتراه مع إمامه في القيام من أول ليلة إلى آخر ليلة من شهر الصيام , فجائزته الجنة يوم تقسم الجوائز.

و أخيراً العلاج .. أقول للمقصرين و قد وقفوا على أسباب تقصيرهم ، استعينوا بالله على تقصيركم و أكثروا من الاستغفار ليل نهار فإنه العلاج الناجع لكل معضلة ، و أقول للمحسنين احمدوا الله و اشكروه أن هداكم للصيام و القيام و ضاعفوا الجهد فإنّ رسولكم صلى الله عليه و سلم كان يشد المئزر في هذه العشر كما مرّ معنا في الحديث السابق الذكر.

غفر الله للمقصرين  و أثاب الله المحسنين , و صلى الله و سلم على سيد المرسلين ، و الحمد لله رب العالمين.

 

نافع ثابت الصحفي

مقالات سابقة للكاتب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *