منذ القدم ومشيخة القبيلة من جيل إلى جيل تتوارثها رجالها ولا يرضى أحد أن تخرج من بيتها وأتفق على هذا مادام الرجل المناسب موجوداً ، والناس تحب أن يكون شيخهم رمزاً يُحترم ورجلاً مقدماً بينهم في الأمور كلها داخل مجتمعه أو خارجه .
وشيخ القبيلة في الماضي كانت له الكلمة التي تنتهي عندها كل المعضلات فالمجتمع تربى على احترامه وتقديره ولا يجرئ أحد على تجاوزه فيما يخص القبيلة؛ فكل صوت يعرف حدوده ويعرف مدى تقدير القبيلة لهذا الرجل الذي رضيت قيادته ، حتى سمعنا في الجزيرة العربية بالصعاليك وهم أفراد يتخطون اتفاق القبيلة أو فعلوا فعل يخالف الأغلبية فطردوا لخارجها فالجماعة أهم من الفرد ، فكلمته لها وقعها وتقديرها فإن وعد بشيء كان كالجبل الشامخ الذي لا يهتز دون ما وعد وما ضمنه ، وقبيلته لا تهمل رأيه ولا وعده فسمعتها وكرامتها من كرامته والمجتمع يعرف أنه صمام من صمامات الآمان وحفظ للكرامة ووجه قبيلته أمام الناس .
وجاء الإسلام وعزز ذلك ووضع خطوط جديدة لهذا الرجل ولم يهمله فقد كان يكرمهم رسولنا عليه الصلاة والسلام في العطاء وإنزالهم منازلهم التي يستحقونها كوجهاء لقبائلهم ، ومدح أهل الشرف والكرم والعطاء وكل خصال الخير فأصبحوا يفتخرون ببذلهم لمكارم الأخلاق وزاد دورهم في القبيلة العربية .
وهنا نتحدث ولكل زمان رجاله ولكل زمان ظروفه وقانونه ، ولكن الثوابت ومبدأ الرجولة واحترام عادات العرب الحميدة التي لم يلغها الإسلام؛ بل شجع على التمسك بها كصفة إيجابية هي المهمة في موضوعنا ، ولعلنا نجد ظهور شخصيات منذ القدم وحتى في عصرنا هذا تحاول أن تقلل من تلك الشخصيات ودورها بطريقة أو بأخرى بقصد أو دون قصد ، وتحاول هز تقدير واحترام تلك الشخصيات حتى وصل أن الفرد يتحدى على فعل الخطأ ولا يبالي فلا حاجة له فقد اكتفى منهم فلا يشكل لديه موافقتهم أو رفضهم ذات أهمية ، وذلك وإن حصل لبعضهم فهو بسبب ضعف الجماعة ومدى ترابطهم مع هذه الشخصية المحترمة .. ولقد قيل (( لا أمارة لمن لا يطاع )) وقس على هذا ..
لقد ثبتت دولتنا – حفظها الله – هذا المنصب وأصبح من مفردات النظام وأعطته كل ما يستحق من تقدير لمعرفتها أن المجتمع يحتاجهم لضبط الحاجات المجتمعية ولحفظ شكل القبيلة العربية وعاداتها الحميدة وترابط الأفراد وحل المشكلات ورد الظلم وضبط المجتمع مع وجود مفردات الأمن الأخرى ولكنه يشكل الدائرة الأقرب .. ولكن ما دوره في مجتمعي ؟
دور شيخ القبيلة ليس هيناً ولا بسيطاً لمن يعتقد أنه وجاهة أكثر منها عمل دؤوب والإخلاص في إزالة كل ما يضر مجتمعه وتلمس فقراءه وحاجات أرامله وأيتامه ، ومحاولة حل مشاكله ومحاربة كل ما يضر تماسك هذا الوطن فكرياً وأمنياً ومعرفة مايدور حوله ، والعمل بما أعطاه النظام من صلاحيات لعلاج ما يستحدث والناس تعرف ذلك وتقدره – إن فعل – ، ولذلك أعطته بعد الله ذلك الشرف والتكريم ، وهذا كله لن يتسنى له إن لم يُعطى التقدير والاحترام من الصغير ومن الكبير ويحفظ حقه .
هذا والله من وراء القصد ،،، حفظ الله بلادنا من كل سوء .. ومن أراد بأهلها شراً اللهم اجعل شره في نحره .
[ نقطة ضوء ]
لا زلت أؤمن بدوركم في مجتمعي فلكم كل تقديري واحترامي ، أسأل الله أن يجعل فيكم الخير ويرزقكم الإخلاص في العمل .
كاتب حرف
مقالات سابقة للكاتب