قراءة في كتاب: “محافظة الكامل.. معالم تاريخية وتراث عمراني”

أبرز الباحث جابر بن صالح السُّلمي، كتاباً بعنوان: “محافظة الكامل.. معالم تاريخية وتراث عمراني“.. حيث يقع الكتاب الصادر عن دار “تقدّم” للدراسات والبحوث، في 254 صفحة مقسمة إلى 5 فصول عن موقع “الكامل” الجغرافي، وبيان سبب تسميتها، وحدودها، ومناخها، وتضاريسها، ومعالمها التاريخية، وأماكنها السياحية وتراثها وآثارها، إضافةً إلى بسط القول عن سكانها ونهضتها الحديثة في ظل دولتنا أيدها الله.

وبيّن الباحث في مستهل كتابه أن “الكامل” إحدى محافظات “منطقة مكة المكرمة“، وتقع في جهتها الشمالية، وتبعد عنها بمسافة تقدر بـ 160 كيلاً، ويتبع لها 4 مراكز إدارية تقوم على خدمة 135 قرية وهجرة، ويحدها من الشمال: الحدود الإدارية لمنطقة المدينة المنورة، ومن الجنوب: مركزا مدركة ورهاط التابعان لمحافظة الجموم، ومن الشرق: مركز المحاني التابع لمحافظة الطائف، ومن الغرب: محافظة خليص، وجميعها تتبع منطقة مكة المكرمة.

وأوضح الباحث أن الطبيعة الجبلية، هي السائدة في تضاريس المحافظة من مرتفعات وهضاب وحرّات، وتتخلل تلك الجبال أودية تنحدر باتجاه الغرب إلى البحر الأحمر، ومن أشهر تلك الجبال: “شمنصير”، و “عِمدان”، و”حِم”، و “سدير”، و “الشباعان”، و “العرضاء”، و “الحرارة”، و “رعي”، و “حديب”، و “الفقارة”، و “المسكونة”، و “ورث”، و “الحِيال”، أما الحِرار فمنها: “حرَّة بني سليم”، و “حرَّة مهايع”، و “حرَّة مهيّع”، و “حرَّة العويصد”، و “حرَّة أبو مليح”، و “حرَّة بثن”، و “حرَّة الصفية”، و “حرَّة أم الجدبان”. ومن الأودية: “ساية”، و “شوان” و “السبعان”، و “نهوى”، و “وبح”، و “الحِنو”، و “إيِهابا”.

وتشتهر “محافظة الكامل” بكثرة عيون الماء، حيث أشار ابن جنّي، أن بوادي “ساية” أكثر من 70 عيناً، وذكر تلك العيون عرّام وياقوت والأنصاري والجاسر والبلادي، وكان السُّكان يهتمون بعمارتها وصيانتها باستمرار؛ لاعتمادهم عليها في مجال الشرب والزراعة، ومن تلك العيون: “عين الكامل”، و “عين ملح”، و “عين مهايع”، و “عين القريّة”، و “عين الخدد”، و “عين ضرعاء”.

وجاء في ثنايا الكتاب أن شواهد العمارة في “محافظة الكامل” تدل على قيام حضارات سادت فيها ثم بادت، و أشار المقدسي إلى ذلك في كتابه: “أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم”، وذكرها بعض المؤرخين، ومن أشهر الآثار الشاخصة في المحافظة: “حصن ابن عمر النجاري”، و “قصر بن جفين”، و “قصر هجاد”، و “حصن بن عجيّان”، و “قصر الحجيري”، و “قصر الترجمي”، و “قصر بن معني”، و “قلعة القعور”.

وتحتضن “محافظة الكامل” مجموعة من النقوش القديمة على صفحات الجبال المجاورة لمسارب الأودية وجواد الطرق القديمة، ومنها نقوش إسلامية قصيرة مؤرخة بعام 650هـ، ونقوش أخرى كثيرة لم يدون تاريخها؛ بيد أنها تدل على عمق تاريخي كبير للمحافظة، كما تزخر بشواهد قبور مزخرفة ومنقوشة بعناية تحمل أسماء أعلام يعود بعضها إلى القرن الثالث والرابع الهجريين.

وتنعم “محافظة الكامل” في عصرنا هذا بجميع الخدمات الحكومية المهمة المتمثلة في عدد من الأجهزة الحكومية الخدمية والصحية والتعليمية والأمنية كإدارات الشرطة، والمرور، والدفاع المدني، ومكتب الزراعة، وفرع المياه، والبلدية، والمحكمة، وكتابة العدل، ومكتب وزارة النقل، ومكتب البريد، ومكتب الأوقاف والمساجد، وفرع هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ومكتب الكهرباء، ومستشفى حكومي مع المراكز الصحية التابعة له، والهلال الأحمر، ومكتب التربية والتعليم الذي يشرف على مدارس المحافظة بجميع مستوياتها، وكلية للعلوم والآداب التابعة لجامعة جدة، بالإضافة إلى عددٍ من مؤسسات المجتمع المدني الأخرى.

الجدير ذكره أن “محافظة الكامل”، كانت تعرف قديما بـ “ساية“، وهو الوادي التاريخي الشهير الذي يحتضن المحافظة وقراها التابعة لها، وله ذكر واسع في كتب الرحالة والمؤرخين المتقدمين؛ حيث شيدت على ضفافه القصور وأقيمت القلاع والمساجد وأنشئت القرى والبساتين والاستراحات والأسواق، نظراً لموقعه الإستراتيجي بين دربي زبيدة و الهجرة؛ فكانت الكامل مقصداً لقوافل الحجيج والمسافرين عبر هذين الدربين، مما أكسبها مكانة مهمة في العصور المتقدمة الماضية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *