أيا والدي وحبيبي وجنتي أنت الآن ضيفاً عند ربك لكن أتعلم من قرعت أقدامهم سيراً لتشييع جنازتك إنهم نفس الأشخاص الذين تساءلت عنهم سابقاً بقولك من سيتبع جنازتي هل فلان وفلان سيأتي وسيتبعون جنازتي كما اتبعوا من قبل جنازة والدي؟ نعم لقد حضروا ياأبتي حضروا كلهم صغيرهم وكبيرهم وأرثوك وأذرفوا دموعهم عليك .
أيا سندي وملهمي حتى الذين تعلموا على يديك كانوا هناك قائلين كيف نترك معلمنا وأستاذنا طيب القلب المِعطاء وسرعان ماظهر أحدهم بقصيدة رثاء أرثاك بها بإسمك هكذا كان الجود لك مما تعلموا منك .
أيا من كنت نوراً يتوهج أستنير به كيف لي أن أدخل فناء المنزل دون أن أسمع نبرة صوتك مُرحبٌ بقدوم ابنتك وبمجرد دخولي أبدأ بخدمة طلباتك الصغيرة ؛ لمن أرسم نصف قلبٍ وممن أطلبُ إكماله بأصابعه المباركة
مع من أبدأ بالضحك والمزح والمداعبة
كيف أجعل مرور نهاية المساء دون أنزعاجك مني على من أتدلل وعلى من أتفاطن وأربح في لعبة الزهر من الذي سأرفع ضغط دمه بمزاحي الثقيل ..
آه.. فقدت الصديق القريب قبل أن أفقد الأب الحنون الذي صوته لم يعلو يوماً بوجهي، أعلم أنك ترى فيني الإبنة البارة القوية ولكني أصبحت عكس ذلك أحاول فقط التظاهر بالقوة .
أكتب وأتذكر وأذرف الدمع يا لها من صدمة هزت بدني النحيل أبلغ سلامي لأشخاصك المفضلين نسيم وخالة نجيبة أنتابك الشوق إليهم وها أنت ذا بجوارهم في العالم الآخر وبإذن الله ستمكث في الجنان من سينهض من نومه ويسألني امولتي شفتينا نمت من سأجيب بـ نمت نومة ماحسيت فينا يابابا ، لمن سأغلق زرار القميص ومن سأساعد في ارتداء الحزام من سألبسه ساعته وأمسك يديه وأقول له أتحداك أن تقبض على يدي محاولة إبعادها ، من سأسأله من فينا أبيض البشرة أكثر تلك الكلمات من سيضحك لها من سيقول لي كلك طلبات وعلى من سأرد أنا مااطلب كثير أنت إلي تطلب كثير ، مع من أختي ستتسابق على حل الأحاجي ، من سينادي لأخي عدة مرات ليجيبه ويطمئنه على مستقبله؟ ،
رمضان آتٍ من سيحتسي الشوربة معي بنفس الصحن ويتجادل معي على عدد حبات التمر من سيقلد حركاتك ويأخذ نفس عدد حبات التمر المُعَدَة إليك .
من سيتفلسف عليك بالطب ويمنعك مما يضرك ، من سيقرأ لك عن تلك الشخصيات التي كنت تجمع معلومات عنها ويتثقف معك.
لمن والدتي ستجهز الشاي بعد الظهيرة ومع من ستحتسيه أيعقل أن تكون بعيدة؟ من سيقول لنا في أول النهار خلوني أرتاح ومن في آخر الليل سيزعجنا بشخيره أليس باكراً بعد ذبول رونق فلذات كبدك .. اللهم لا اعتراض على حكمك ؛ سامحتك لكونك لم تكتب فيني غزلاً كما كتبت لحبيبتك والدتي رغم أني كنت ازعجك دوماً بقولي لماذا إلا هي قررتَ أن تتمشى معها وأنا بعنادي قررتُ الخروج أنا وإخوتي أيضاً بدونكم لماذا لما تفي بوعدك لها من سيخرجها ويمشيها
مع من سأتابع نشرة الأخبار الإقتصادية والرياضة مع من سأراهن على إرتفاع حصيلة الراجحي وسنتبادل الأصوات العالية ومع من سأخطط للأمور الجديدة من سيراجع لي مقالاتي التي أكتبها والشعر الحر والحكايات وو.. ومن سيمل من ثرثرتي الكثيرة مع من سأسابق الخطى نحو والدتي لنشكو بعضنا لها ومن سيتذوق الطعام قبل أن يُفرش على المائدة ويمدح طهيَّ، أبي من سيكرر كلماتي الأولى التي أفصح بها لساني وأنا في السنة الأولى من عمري ، ومن سيعلق على جلستي من سيحملني بين حين وآخر لأتأمل وأتساءل كيف يأتي الصباح وبعد رؤية الصباح من سيسألني هل عرفتي كيف يأتي الصباح وأجيب بلا سأعرف غداً من سيتحمل تكرار السيناريو اليومي ذاته من سيقول لي لقد كبرت لا أستطيع حملكِ على ظهري قالوا لي انتي الكبيرة تمالكِ أعصابك كلهم يحتاجوكي لكن اشتكي إليك ياأبي أن الحمى وعينايَّ فضحتني مضغة قلبي تتمتم بدعواتٍ كطولٍ موجي تحاول الوصول إليك بمعدل أربعمائة نانو متر بالثانية لكنها تخطىء سهامها تدعو لك بالشفاء والعافية بدلاً من الرحمة والسكينة لم تصدق رحيلك السريع هذا دعكَ من ثرثرتي المملة سأقول لك من جاء ليحملك بأكتافه جاؤوا من كنت تتساءل عنهم ما إذا كانوا سيكرمونك كما اكرموا والدك الشيخ محمد حسين نعم يابابا جاؤوا الشيوخ والقادة والدكاترة والمعلمين جميعهم كما طلبت وتمنيت ونظروا لجمال ثمرة حصدتها يديك ولدك عبد الفتاح شبيهك ومن سيرفع رأسك مستقبلاً بإذن الله كما تتمنى ، سأخبرك بآخر ثرثرة وسأسكت بعدها لا تمل مني الوعد الذي وعدتك به سأنفذه لا تقلق وسيظل بعاتقي وإن تباطأت خطواتي وتعثرت بعضها لكن سأنفذه لا تقلق فأنا ابنتكِ والدكتورة التي تتباهى بها دوماً ياحبيبي يا أبي .
أمل بنت إسماعيل الأسودي
مقالات سابقة للكاتب