صدح البلابل في زيارة “جلاجل”

تشرفت في يوم الجمعة 17من شهر شوال لعام 1445 هـ، بتسجيل زيارة للصلة والتواصل والمعايدة لأبناء العم من أسرة آل عبيد الأنصار أهل “جلاجل” – المدينة الصحية عالميا- وقد سعدنا بمستوى الحفاوة والاستقبال وكرم الضيافة الذي استقبلنا به نيابة عن أسرة العبيد في جلاجل كل من:الأخ/ناصر بن محمد العبيد أبومحمد،وابن عمه الأستاذ/عبداللطيف بن عبدالرحمن العبيد أبوعبدالرحمن الباحث والمؤرخ الذي يحق لمدينة جلاجل ومنطقة سدير أن تفخر بمثله،للجهد الوطني الكبير الذي يقوم به متطوعا للتعريف بتاريخ وتراث منطقة سدير عامة، ومدينة جلاجل خاصة،ومعالمها الجميلة وكنوزها الثمينة من المواقع السياحية والأثرية،من الآثار والوثائق والمخطوطات والأعلام الذين مروا عليها،وتركوا فيها أثرا علميا مشهودا يستحق الذكر والإشادة والتدوين،ومن أبرزهم علماء وقضاة وأئمة وكتاب أسرة العبيد الخزرجية.

كما سعدنا بالجولة التي أكرمنا بها أبوعبدالرحمن عبداللطيف العبيد لتعريفنا بمدينة جلاجل ومعالمها الأثرية والتراثية والتاريخية والسياحية ومن خلال تلك الجولة اكتشفنا ما تتميز به هذه المدينة كغيرها من مدن مملكتنا الحبيبة من عناية واهتمام ولاة أمر هذه البلاد حفظهم الله ونصرهم وأبقاهم ذخرا لنا،وما يولونها من اهتمام وما ينفقونه بسخاء من مشاريع تنموية مبهرة جعلت من هذه المدينة حديقة غناء مزدهرة،تنعم بمستوى رفيعا من النهضة والتطور والازدهار والرخاء وجودة الحياة للمواطنين والمقيمين فيها،ويحق أن يطلق عليها: المدينة الترفيهية ،أو مدينة الحدائق والمنتزهات،وبناء على جولتنا مع أبي عبدالرحمن واطلاعنا على معالم هذه المدينة نجدها من أهم الوجهات السياحية الجميلة وأمتعها للأسر والعائلات والسياح،وخاصة في فصلي الشتاء والربيع،ولو توحدت وتعاونت وتكاملت جهود محافظة المجمعة مع جهود الهيئة السعودية للسياحة ،ووزارة الثقافة وهيئة التراث والآثار،في التعريف بهذه المدينة وما حباها الله من طبيعة خلابة وجو صحي متميز،وتوفر الدليل السياحي الذي لديه الخبرة والمعرفة والشغف والوطنية لخدمة هذه المنطقة سياحيا كأخي عبداللطيف بن عبدالرحمن العبيد وأمثاله؛ لكانت من أمتع الوجهات السياحية الجديرة باختيار كل من أراد الفسحة والتنزه والسياحة في ربوع مملكتنا الحبيبة.

ومن أهم المواقع التي سعدنا بزيارتها:مسجد عيسى العبيد التاريخي،ومشروع متحف أسرة العبيد الذي يجري ترميمه حاليا،ومتحف أسرة الربيعة،ومنزل الشيخ عثمان البشر -رحمه الله- والحدائق والمنتزهات الوطنية الجميلة في مدينة جلاجل السياحية.

وأسرة العبيد من أهل جلاجل أسرة أنصارية خزرجية أزدية قحطانية ،وهي من الأسر التي ورثت إرث الأنصار المتوارث خلفا عن سلف عبر أجيالهم وعصورهم ،وهو العناية بالعلم والتعليم وحفظ القرآن وتدريسه والإمامة والخطابة والتدريس والقضاء والفتيا،وقدم جدهم الشيخ عبد الله بن عيسى بن أحمد بن عبيد من المدينة المنورة إلى جلاجل بطلب من أهل جلاجل ليتولى القضاء والإمامة والتدريس في جامع جلاجل وذلك في حدود عام 950 للهجرة، حيث تولى القضاء بطلب من أهل البلد، وخرج من ذريته علماء وقضاة منهم الشيخ عبدالرحمن بن محمد بن عبيد وابنه الشيخ محمد بن عبدالرحمن بن عبيد المولود عام 1084هـ،

ومنهم الشيخ عبدالله بن سليمان ،القاضي في حائل وسدير ،زمن الإمام تركي بن عبدالله آل سعود-رحمه الله- وكتب عنه ابن بسام في كتابه علماء نجد في ثمانية قرون ،ومنهم الشيخ عبدالرحمن بن محمد بن إبراهيم والذي كتب عنه الشيخ ابن بسام في كتابه علماء نجد في ثمانية قرون وابنه الشيخ أحمد ومنهم الشيخ عيسى بن عبدالرحمن الذي تولي الإمامة في مسجد عيسى عام1135هـ ولا يزال المسجد باقيا حتى الآن حيث تم ترميمه قبل سنوات. 

وقد توارثت ذريته من بعده إمامة الجامع حيث خلفه حفيده الشيخ عبد الرحمن بن محمد بن عبيد في القضاء والإمامة والتدريس في جامع البلد وهو من نسخ كتاب الإقناع في فقه الإمام أحمد بن حنبل لمؤلفه: أبو النجا شرف الدين موسى الحجاوي المقدسي (ت ٩٦٨ هـ)،وكان نسخه لهذا الكتاب في عام 1084هـ، ثم خلفه من بعده الشيخ محمد بن عبدالرحمن بن عبيد المولود عام 1084هـ ،كما وثق ذلك والده الشيخ عبد الرحمن ثم خلفه حفيده الشيخ عبد الرحمن بن محمد بن عبيد المتوفى عام 1282 هـ، ثم خلفه ابنه الشيخ أحمد بن عبد الرحمن بن عبيد المتوفى عام 1327 هـ، وهو آخر من تولى إمامة هذا الجامع التاريخي من أسرة العبيد ،والتي استمرت على مدى أكثر من 350 عاما، وكان فيها مشايخ الأسرة محل تقدير وثقة أهل البلد في كتاباتهم وأوقافهم كما تولى الشيخ عيسى بن عبد الرحمن بن عبيد المولود عام 1090 للهجرة الإمامة والنظارة على أوقاف مسجد عيسى الذي اشتهر باسمه والذي بني عام 1150 للهجرة، وقد تم ترميمه مؤخراً وسجل في هيئة التراث من المباني التاريخية المهمة وهو من المعالم التي يحرص كل زائر ومهتم بالتراث على زيارتها ،كما تولى الشيخ عثمان بن عبد الرحمن بن عبيد إمامة مسجد عرف بمسجد عثمان ،وتولى الشيخ أحمد بن محمد بن عبيد الإمامة في جامع حوطة سدير كما أن مشايخ أسرة العبيد لهم جهود ملموسة في نسخ العديد من الكتب العلمية في الحديث والتفسير والفقه والتوحيد ،ولهم العديد من المراسلات مع عدد من المشايخ المعروفين في وقتهم مثل الشيخ محمد بن عبد الوهاب ووالده الشيخ عبد الوهاب بن سليمان وعدد من أبناء الشيخ محمد وأحفاده والشيخ عثمان بن بشر والشيخ على بن ساعد والشيخ أحمد المنقور والشيخ عبد الله البابطين ، وتمتلك أسرة العبيد تركة ضخمة من الوثائق والمخطوطات التي يمتد تاريخها إلى القرن العاشر من الهجرة ،وكان لتلك الوثائق والمخطوطات التي تمتلكها أسرة العبيد في جلاجل دورا بارزا في حفظ وتدوين تاریخ منطقة سدير ورجالها وأحداثها ،وقد زاد الاهتمام والعناية بها حيث تقوم الأسرة حاليا بترميم بيت الجد عثمان بن محمد بن عبيد والذي يعود تاريخ بنائه إلى عام 1083هـ، لكي يكون متحفا لحفظ تلك الكنوز الثمينة من الوثائق والمخطوطات، ومكتبة علميه لهذه الكنوز الثمينة يستفيد منه الباحثون والمهتمون بالتاريخ وسوف يكون امتدادا لتاريخ الأنصار في منطقه نجد.

وأسرة العبيد تلتقي بالنسب مع أسرة الشريدة والجامع ولديهم تركة من الوثائق التي ورثوها من أجدادهم المشايخ – رحمهم الله – تعالى.

مرتضى الأنصاري

مقالات سابقة للكاتب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *