جو ملتهب، وقلب ملتهب، اعتصمت بهذا للفرار من الآخر، فبقيت في عمق اللهيب أتقي بسعير من سعير…!
فلم يكن لي الخلاص لا من هذا ولا ذاك…!
وكنت كالمستجير من الرمضاء بالنار..
هذه الحقيقة فقبيل أيام ألمّت بي ملمة لم أجد لها حلّا غير أنني أطلق نفسي في مكان لا يحده شيء ويمتد طرفي فيه دون اصطدام..!
فخرجت في وقت قيظ لقفر لا ينظر فيه أي حيّ، فجلست فيه متوقدة الجهات وكأنني أحطب ملمة على ملمة..!
وبينما أنا أحترق سقط نظري على حفر عرفت أنها جحر حيّة أو عقرب فقلت في نفسي : ما خرجت في هذه الساعة إلا لأكون رزقا لواحدة من هذه الزواحف ..!
وجلست أترقب أمامي وخلفي حتى سلوت عمّا أنا فيه..!
ثم تذكرت أنني حين نزلت في المكان قلت دعاء نزول المنزل فأمنت.
كانت هذه الخواطر المباغتة سببّا في انصهار الملمات التي أخرجتني، و انطلاق روحي من سجنها، ثم أن الخروج للأماكن الواسعة يجعل همك يخرج منك وكأنه يسعى في هذه السعة وينسى درب صدرك!
إن الفكرة تدفع الفكرة، والهم يزول بآخر، والغرق في تفاصيل الأمور غرق أعظم..!
نحن نحمل أنفسنا ما لايطاق والله قال في كتابه: (لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا)،
ونظل نتعمق في المصيبة، والملمة حتى ننشغل بها عن اللجوء لله على علمنا بأن الله
قال:
(قُلِ ٱللَّهُ يُنَجِّيكُم مِّنۡهَا وَمِن كُلِّ كَرۡبٖ).
للأسف تضرب الحيرة أطنابها بعقولنا عند نزول مصيبة أو وقوعنا في معضلة ما، فلا نرى غير قتامة الغد، أو سوء العاقبة…!
ولو أننا خرجنا مما نحن فيه لوجدنا أن سبل النجاة متعددة أحيانا تكون في خواطر تنسيك، وتسليك عما أنت فيه..!
لا تحمّل نفسك ما لا تحتمل، وكل الأمر بيد الله فاعتصم به..
ونهاية الأمر أنني في هذا القفر سلوت..!
دولة بنت محمد الكناني
مقالات سابقة للكاتب