كان يا مكان في قديم الزمان ، قرية صغيرة في بلاد ما وراء النهرين تدعى (فدلا) .. وكان هناك زمرة من المفسدين يسيطرون على هذه القرية ويعيقون تطور البلدة ، و يستفيدون من قرارات (الوالي) التي تهدف لتطوير البلاد و خدمة الرعية من أجل مصلحتهم الشخصية.
وكان من المفسدين ( شيخ بندر التجار ) وهو المكلف من الوالي لإدارة الدكاكين و الحوانيت و تيسير أمور البيع و الشراء و متابعة السوق ، و كان معه أيضاً (قاضي القضاة تاج الدين ) و هو المكلف من الوالي لحل المنازعات التجارية التي تحدث بين التجار مع بعضهم البعض أو التجار و الرعية.
وكانت سياسة الغابة تسود في هذه القرية ، إذ كان القوي يأكل الضعيف ، و صاحب النفوذ تتيسر أموره و يعفى من الإشتراطات والأنظمة القانونية و يحكم له في جميع المنازعات التجارية سواء كان ظالم أو مظلوم .
والضعيف المسكين تطبق عليه جميع الإشتراطات والأنظمة القانونية ، ويحكم عليه في جميع المنازعات التجارية سواء كان ظالم أو مظلوم.
و في يوم من الأيام اجتمع المفسدون من التجار الأثرياء و المسؤولين المكلفين بولاية القرية و رعايتها ، و اتفقوا على إنشاء سوق كبير خارج القرية يضم العديد من الحوانيت و الدكاكين التجارية و الصناعية لكي تكون لهم القدرة على التحكم في أمور التجارة فيما بينهم ، و السيطرة على كل أرزاق القرية ، ولكن كان موقع السوق الجديد خارج القرية و بعيداً عن أهل البلدة ، و كان هناك السوق القديم وسط القرية الذي أنشئ من قبل الوالي ، و أعطي كل صاحب حرفة أو تجارة دكان في هذا السوق مقابل دراهم يسيرة تدفع للدولة كمساعدة للرعية .
فاجتمع زمرة المفسدين ليجدوا حل لكي يتمكنوا من إنعاش وتشغيل السوق الجديد الذي تم بناؤه ، و لايوجد من يتاجر أو يشتري و يبيع فيه بسبب بعده عن القرية و ارتفاع إيجارات الحوانيت و الدكاكين فيه؛ و بحكم السلطة الممنوحة لهم من الوالي لإدارة القرية اجتمعوا و أصدروا قرار بإجماع أكابر التجار و معتمد من شيخ بندر التجار و قاضي القضاة ، يقضي بإقفال جميع دكاكين السوق القديم وسط القرية بسب قدم المباني و أنها آيلة للسقوط و أنها تشكل خطراً على حياة الناس ، و تم على الفور اعتماده و تنفيذ هذا القرار.
و تعطلت مصالح الشعب لعدم توفر خدمات في القرية و انتقال بعض الدكاكين و الحوانيت إلى خارج القرية و بعدها عن البسطاء من الناس من أيتام و أرامل و مطلقات و العجزة من كبار السن ، و رفعوا أمرهم إلى الوالي لكي ينظر في شكواهم و مرت الأيام وشكواهم من ديوان إلى ديوان حتى وصلت ديوان الوالي.
و تم إعطائهم رقم على هذه الشكوى من بين الكثير من الرسائل في ديوان الوالي ، و كان الرقم المعطى من ديوان الوالي (تسعين مليون) و قال لهم وزير ديوان الوالي : “أنا على ثقة بأن الملك سوف يقضي لكم في دعواكم و ينصفكم من الظالمين إن شاءالله ، و لكن لكثرة الرسائل المرسلة من الرعية سوف تتأخر” ، و لكن إن لم يحكم لكم الملك في هذه الدنيا الفانية فسوف يحكم لكم ملك الملوك و ينتقم لكم من الظالمين في الآخرة.
أبو راكان