الحمدلله الذي قال: ﴿وَوَصَّينَا الإِنسانَ بِوالِدَيهِ حَمَلَتهُ أُمُّهُ وَهنًا عَلى وَهنٍ وَفِصالُهُ في عامَينِ أَنِ اشكُر لي وَلِوالِدَيكَ إِلَيَّ المَصيرُ﴾ [لقمان: 14]
والصلاة والسلام على رسولنا الكريم محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين .
الذي قال: (الوالِدُ أوسطُ أبوابِ الجنَّةِ، فإنَّ شئتَ فأضِع ذلك البابَ أو احفَظْه)
[عند الترمذي من حديث أبي الدرداء].
ومما شاع وذاع وملأ الأسماع حديث:(جَاءَ رَجُلٌ إلى رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَقالَ: يا رَسولَ الله، مَن أحَقُّ النَّاسِ بحُسْنِ صَحَابَتِي؟ قالَ: أُمُّكَ، قالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قالَ: ثُمَّ أُمُّكَ، قالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قالَ: ثُمَّ أُمُّكَ، قالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قالَ: ثُمَّ أبُوكَ.) [عند البخاري من حديث أبي هريرة]
وعلى ضوء ما تقدم قلت بعض ما فتح الله به علي لعل الله تعالى أن ينفعني والمسلمين بما فتح ويسر.
أحاول أن أوضح للجيل الكريم ما يزيل اللبس، ويرفع الغبش ويطرد الوهم ويعيد الأمور إلى نصابها، والمهمات الي رحاب ابوابها.
فالوالد هو المالك لزمام أمر ولده، المنفق في غير تقتير، الساعي القائم الذي ينعدم في ذلك له النظير، الذي لا يفتر وده ولا ينقطع حبه ولا يمنع رفده.
يمرض ويهرم من أجل أن تسعد، ويستنفد الوسع في تربيتك من أجل تحمد، يحملك الدهر كله، ويقوم بك العمر جميعه، ويجتهد ويكدح ويبذل ولا يشعر به أحد، لايبتغي في ذلك شكرا ولايكل من ذلك وإن تطاول عليه دهرا.
الكل يحتاج إليه والجميع يرجع إليه فهو نهر الحكمة التي لاينضب وحمال العاتيات الذي لايتعب، ثم يأتي من يقول بأن الأم مقدمة عليه في كل شئ..!
نعم قدمها الشرع في حسن الصحبة وحسن الرعاية لضعفها وعدم قدرتها على كثير من شأنها وخاصة إذا تأيمت أو طلقت.
ولما كانت الشفيقة الحنون والملاذ الرؤوم حث الشارع على حسن صحبتها ثلاثاً جبراً لخاطرها وشكراً لمعروفها، فخصها الإسلام بمزيد الرعاية وحسن العشرةوالصحبة.
وهذا من نهج الشريعة الغراء في الاهتمام بالضعفاء ورد الجميل بحسن الوفاء، فقد عنيت الشريعة بالأم كونها أنثى جبلت فطرةً على الرقة والعاطفة.
وإذا كانت الأنثى زوجة فهي وولدها تحت رعاية الوالد، وطوع أمره، ورهن تصرفه، نفقتها عليه، وكلفتها منه، وحاجتها إليه.
ولها التقديم في الصحبة أبدً، وعليها أن تزرع في نفوس بنيها حب والدهم، والإعتراف.بفضله وأنه لا عدل عنه.
وإهمال حق الوالد وتأخيره بعد حقها، وحبها دون حبه، ورعايتها دون رعايته، وطاعتها دون طاعته، والانحياز إليها ووتر أمره، ظلم وجور وتعدٍ ونكران لم يأت به الشرع ولم يأمر به الدين.
والوسط العدل المساواة بينهما
وإذا تعارضت الحقوق والواجبات
قال مالك رحمه الله:
(أطع أباك ولا تعص أمك)
واللبيب الحذق الفطن يعمل على الميزان المستقيم فيعطي كلاً حقه وافياً حسناً ويسد الخلل.
وختامًا: هذه لمحة مختصرة عن حقيقة مغيبة لدى كثير من الأبناء والبنات فنسأل الله أن يرزقنا وإياكم البر بوالدينا أحيًا وأمواتًا، وأن يصلح قلوبنا وأعمالنا وأحوالنا إنه ولي ذلك والقادر عليه.
وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه.
محمد أحمد الشلاع
مقالات سابقة للكاتب