طغيان الماديات في هذه الحياة وفي مختلف المجتمعات يؤدي عادة إلى زيادة الفردانية واللهث خلف تحقيق المصالح والمكاسب الشخصية .. !!
ومن المتوقع أن يتناقص معدل الحس الاجتماعي بقدر زيادة الحس المادي.
وهنا تكمن المشكلة.. حيث إن طبيعة الحياة الإنسانية تحتاج إلى حماية كل ما يعزز المشاعر والمظاهر المشتركة بين الناس لأنها بالتأكيد تنعكس على معدل الانتماء والولاء والتضامن الاجتماعي.
وعلى هذا يرى الاجتماعيون بأن زيادة ضعف ( المسؤولية الاجتماعية ) يعني زيادة البرود في الانتماء الاجتماعي.
يقول إبراهيم لينكولن واصفا خطر غياب العادات والمعتقدات المشتركة على ساحة التراب الأمريكي بين الناس .. بأن الناس طغت عليهم المادة وأصبحوا لا يستجيبون إلا لنداء المصالح الشخصية .. وكأن مصالحهم المشتركة لا تعنيهم .. مما أثر كثيراً على سلبية الحياة وطغيان ماديتها على الروح الاجتماعية..!!
وتفاديا لكل الآثار السلبية المتوقعة لزحمة المتغيرات فإننا أحوج ما نكون إلى ملتقيات وبرامج عملية تنفيذية لكل ما يشعر الفرد بأن همومه مأخوذة بعين الاعتبار اجتماعيا حيث يلبي الواقع حاجاته من فرص عمل .. وقروض و وتسهيل لمظاهر الزواج .. ودعم لمشروعات الشباب .. وساحات ومساحات مشتركة للترويح والحوار وتنظيم ذلك بشكل لافت وجاذب. من مختلف الجهات والمؤسسات الاجتماعية.
ومع ذلك .. هناك حاجة لفحص كل ما يخل بمظاهر اللحمة والوحدة سواء من أصوات تعزز مفاهيم الحزبية والعنصرية والدونية لفئة دون أخرى او اسقاطات فكاهية على بعضنا البعض أو قصائد وكلمات تتهكم على أي مكون في مجتمعاتنا .. لأن هذه السلبيات ستؤثر في تقويض الاعتصام الاجتماعي.
وحينما يشعر الإنسان باحترامه وبتلبية احتياجاته فإن هذه المعاني هي أكثر ما يؤثر فيه لتعزيز انتمائه وحسه الوطني والاجتماعي.
ومن هنا فإن إنعاش المسؤولية الاجتماعية والمصالح والمشاعر والمظاهر المشتركة بين الناس ومكونات المجتمع .. يجب أن يكون أولوية تؤخذ بعين الاعتبار لكل المسؤولين والقيادات والمعلمين وأساتذة الجامعات.
وأن تكون هذه من الأولويات التي يجب أن تكون جزءا من اهتماماتهم وبرامجهم ومناهجهم الدراسية.
وهنا توصية غاية في الأهمية وهي :
حاجتنا الملحة لوضع حوكمة وطنية للمسؤولية الاجتماعية وتأكيد أدوار الجهات الحكومية والخاصة ذات العلاقة في تفعيلها من خلال لجان خاصة بها .. من أجل إنعاش الحس الاجتماعي الذي يحقق مستهدفات الرؤية الوطنية في كون المجتمع أكثر حيوية وازدهارا وطموحا.
ولكل رجال الأعمال والمؤسسات التجارية المساهمة والدعم والرعاية لكل مظاهر المشاعر والظواهر والمحاضن المشتركة التي تصب في تغذية الحس الاجتماعي. لأن كل ذلك سيعود على الجميع بالنفع أمنا وسلما وتنمية.
وعلى القطاع غير الربحي تكثيف الجمعيات في كل المناطق والمدن والمحافظات والمراكز التي تعنى برفع معدل المسؤولية الاجتماعية والهوية وتعزيز مظاهرها في الواقع لإنعاش وتغذية اللحمة والوحدة الوطنية.
(الحس الاجتماعي يتربى في البيت ويترعرع في قاعات التعليم ويتوطن على كرسي المسؤولية)
أ.د خالد بن عبدالعزيز الشريدة
مقالات سابقة للكاتب