يُحكى أنَّ رجلًا دخل قريةً، وبينما هو يجوب ويتجول في طرقاتها مرَّ بالمقبرة التي في تلك القرية،وكان من عادة أهل هذه القرية أنْ يكتبوا على القبور أعمار مواتهم ، والمدة التي عاشها كل ساكن في هذه القرية، لكن أمرًا غريبًا لفتَ انتباههُ وهو يقرأُ ما كتب على النَصْبُ التي وضعت على تلك القبور، ألا وهو قِصَرُ أعمار وسنوات حياة ساكني هاتيك القبور! فإنها لا تتجاوز في غالبها سنوات قلائل، وهذا لا يتوافق مع ما شاهده من تفاوت أعمار أهل القرية، فسأل عن كُنْهِ هذا الأمر وعلته، فكان جوابهم أن قالوا: إننا نقيس عُمر الإنسان في هذه القرية بما قدمه من أعمالٍ وإنجازات، وليس بالمدة التي عاشها منذ ولادته حتى مماته !!
طبعًا الصَنعةُ في القصة ظاهرة ولكن المغزى والهدف منها واضح !فحياة الإنسان الحقيقة لا تُقاس بالسِنِي التي عاشها ،وليست العبرة بتاريخ ولادته حتى مماته، وإنما تُقاس بما قدمه من أعمال صالحات في سبل الخير التي تقربهُ من الخالق جلَّ في عُلاه، جاء في الحديث الصحيح “طوبى لمن طال عمره وحسن عمله”.
إن الحياة تقاس بالانجازات التي تُكتب وتدون في صائحف أعمال الإنسان، وفي مقدمها وغُرتها الفرائض،فهي أفضل ما يتقرب به لله جلَّ وعلا، ثم يأتي بعد ذلك النوافل وأهمها طلب العلم بل جاء عن جمع من العلماء أنه أفضل القُربات بعد الفرائض.
ثم بعد ذلك هناك مشاريع أخرى ،فمن الناس من مشروعه تَعلم القرآن وتعليمه، وآخر مشروعه الدعوة إلى الله ،وآخر مشروعة نشر العلم النافع، وآخر مساعدة الأيتام والآرمل والمساكين،وآخر مشروعه بناء المساجد وحفر الآبار…
فما مشروعك أنت في هذه الحياة !؟
✍️ د. محمد الشيخي
مقالات سابقة للكاتب