صيحة السناب

إن المتتبع لحال المجتمع يرى عجباً نتذمر … ثم نتعود … ثم ندمن ، لقد مر علينا زمن نرى فيه المذياع هو الوسيلة للتواصل خارج إطار الأسرة وإن كان من طرف واحد ، ومن بعده وسيلة جديدة جهاز يبث صوت وصورة ولكن وقت بثه محدد بساعات قليلة ، وتسارع بنا الزمن حتى وصلنا إلى تغطية كل ساعات العمر ببث منوع وقنوات مختلفة ضيعت الأوقات وشغلت الأولاد والبنات .

ولم يتوقف مبدعي الإختراعات ومنتجي الصناعات حتى طل علينا جهاز الجوال يتصل ولا يرسل وتسابق المنتجون في التطوير حتي وصلنا إلى ما نحن عليه الآن ، فعندما تعاملنا مع الفيس بوك والتويتر والواتساب ، رأى البعض بأنها مضيعة للوقت ونشر للأخبار الصحيحة والغير صحيحة والهامة والغير هامة ، ومع الزمن استمرت المسيرة واستفاد من استفاد وخسر من خسر ، واليوم نعيش صيحة السناب والإنستقرام فاستخدمها الكثير بدون هدف مفيد لا بالإرسال ولا بالمتابعة ، ضُيعت بها الأوقات ، وكُشفت من خلالها أسرار البيوت ، فتعدت الأسوار وتجاوزت الجيران ولُبس من خلالها ثوب الرياء والشهرة ، فتفاخر من يقدر وغُبن من يعجز ، فانشغل بها الكثير بين مرسل ومتابع .

فماذا يستفيد من يتابع مسافر للسياحة من بيته إلى المطار وهو في الطيارة وعند الإقلاع وبعد الوصول خطوة بخطوة تحت شجر أو فوق حجر في المنام وعند المقام ولولا الحياء لدخل بنا بيت الخلاء ، وماذا يستفيد من يرسل صوره وتحركاته فقد أشغل نفسه عن الاستمتاع برحلته وعمل مراسل لنقل ما يراه لمن هم معه ومن تركهم وراءه .

إن للمسلم على أخيه المسلم حقوق فلا نغبنه بعرض ما لا يقدر عليه ، فإن كان الكبير عاقلاً فماذا يقول لمن تحته من الجهال ، فقد أمر الرسول صلى الله عليه وسلم من ظن أن رائحة طعامه تصل إلى جاره أن يزيد مرقتها لكي يتمكن من إطعام جاره ، فكيف بنا اليوم نعرض ما نأكله في البيوت والمطاعم ، نصور الهدايا ونعرض الخبايا فما هو الهدف ومن المستفيد .

لقد اشتهر البعض بسناباته وكثرة متابعيه دون النظر في إنجازاته ، فمن العجائب فتاة تجاوز متابعوها الأربعة ملايين ليس لديها إلا تصوير حياتها وترويج دعاياتها فكم أهدر متابعوها من ساعات وماهي الأهداف المرجوة من متابعة من ينقل لي حياته وكل تحركاته ، فهل هي وفرة في الوقت ونحن نرى من الشباب والفتيات ممن يصعب عليه وقت صلاة السنن الرواتب وعشرون دقيقة قراءة جزء من القرآن .

فلا بد لنا من وقفه .. فالعمر قصير والساعات محدودة فعلينا استغلالها فيما هو مفيد ، ولايعني ذلك بأنني ضد التطور التقني ولست مع التقدم في وسائل التواصل ، ولكن لماذا لا نستخدمها في المفيد ونتابع كل علم جديد بدلاً من متابعة هواة السفر ورواد المطاعم .

 

فهد بن علي الصحفي

مقالات سابقة للكاتب

4 تعليق على “صيحة السناب

غير معروف

مقال رائع يحكي الواقع

الشيخ مرزوق

جزيت خير ابا مهند على هذا المقال الذي يصف واقع مرير
وما يعيشه المجتمع اليوم وضع مزري و يحتاج الى وقفة بل وقفات
من العقلاء ومن المسؤلين لوضع حد لهذه المهاترات المدمرة واللا مسؤلة
من جهلاء القوم ومن الشباب والأطفال واقعها المباهاه حتى ونحن نحسن الظن
ويجب ان تكون الوقفة قبل تبدل الحال وساعة لا ينفع الندم
نسأل الله العفو والعافية

غير معروف

كلام جميل يصور واقع ابناءنا و بناتنا . نتمنى أن يكون مؤثرا ، و مغيرا حالهم للأفضل ..

ABU RAKAN

الله المستعان حالنا اليوم

مع تويتر واستقرام والسناب اثناء السفر و التصوير
لنغيظ اقاربنا..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *