أصداء الرحلة

تمر حياة الإنسان بمحطات كأنها رواية مفتوحة على احتمالات شتى، تبدأ من اللحظة الأولى حين يرى النور بين ذراعي والدته، حيث تتجسد دهشة الوجود وحرارة الحنان. ينطق أول كلماته، وتكبر سعادته في قلوب الوالدين، ليكبر ويتعلم لغة الحياة بكل ما تحمله من عذوبة البدايات. في الطفولة، تتشكل ملامحه الطفولية، حتى يدخل بوابة المراهقة، يبحث عن ذاته، يغرق في تساؤلاته، يواجه تقلّباته، ويظن أن الهوية لغز مبهم وهو لا يدرك أنها كانت مختبئة في قلبه منذ البداية.

ثم، يتحمل قسوة الطريق وصعابها، يصبر ويؤسس ذاته في ميدان الحياة، ليصل أخيرًا إلى رشده، حيث يرى العالم بعين الحكمة، ويتعلم كيف يعيش بعمق ما بين التجارب، يستشعرها كما لو كانت جديدة، رغم ثقل الماضي، وكأن كل لحظة ولادة أخرى. لكن، حين يثقل الزمن جسده ويقترب من النهاية، يجد نفسه مستلقياً، ينتظر الفراق بين جدران الوحدة.

ففي تلك المحطات، في رحلته الطويلة بين البدايات والنهايات، يظل هناك سؤال يتردد: “هل حقًا كانت هذه الحياة كما أرادها؟ أم أنها كانت صورة نمطية تكرارية تحاكي حياة الملايين من حوله؟ وهل كان يمكنه أن يضيف بريقاً خاصًا له، ليعيش حياة متفردة تصنع له أثراً لا يشبه سواه؟

✍️ سارة المطيري

مقالات سابقة للكاتب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *