ماذا فعل المدرع بأهالي مركز الظبية والجمعة ؟! ، أحببت أن أبدأ مقالي بهذا التساؤل ، فبعد حضوري حفل التكريم الذي أقامه أهالي مركز الظبية والجمعة لرئيس مركزهم السابق الشيخ عايد المدرع بمناسبة تعيينه محافظاً للكامل ، لفت نظري ذلك الحب الذي أحيط به الشيخ عايد المدرع من قبل أهالي المركز ، الذي عمل به قرابة 10 سنوات ، فالكل يحاول السلام عليه وتوديعه والتقاط الصور معه ، وأعينهم قد أُغرقت بالدموع من ألم الوداع ، وهو يلاطفهم بابتسامته وتواضعه المعروف ، ويسأل عن حالهم وأحوالهم ويوصيهم على متابعة طلبات المركز وعلى ملف ترقيته إلى المحافظة .
إن دخول قلوب الناس ليس بالأمر السهل ، وكم من مسؤولين مروا على هذا المركز وعلى غيره لم أرى تعلق الأهالي بهم مثل ما شاهدته في تلك الليلة.
فماذا عمل المدرع بأهالي مركز الظبية والجمعة ؟ وما هو سبب هذا الحب والمودة التي حظي بها ؟
إن كسب ثقة أهالي المركز وحبهم لم يأتي من فراغ ، بل من عمل وخدمة استطاع بها أن يكسب قلوبهم وقلوب كل من عرفه .
فشخصية الشيخ عايد المدرع كانت قريبة من شخصيات أهالي المركز ، فهو يتمتع بتربية بدوية وخُلق جم تقاربت مع الطبيعة البدوية لأهالي المركز ، مما كان لها أكبر الأثر في خلق نوع من التقارب ، إضافة إلى أن المدرع كان صاحب قرار في حسم الأمور في وقتها ، وقد تحقق فيه ما نادي به مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكة المكرمة صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل ، من أنه يجب على المسؤول أن يقوم بحل مشاكل المواطنين ، ويجب على المسؤول أن لا يقوم بتحويل أي شكوى أو طلب للجهات الأخرى دون أن يكون له دور في حل ذلك ، بمعنى أن من تقلد مسؤولية يجب أن لا يكون مثل كتبة الصادر والوارد بتحويل طلبات المواطنين وشكاويهم في اليمين والشمال للجهات الأخرى دون أن يكون له دور في ذلك .
لقد حقق المدرع ذلك من خلال قيامه بدمج أهالي المركز مع بعضهم البعض ، وإبعاد أي نعرات قبلية كانت موجودة وتحقيق الأخوة فيما بينهم ، رغم تعدد القبائل في المركز ، فتحققت الأخوة وأصبحت مصلحة المنطقة هي التي يجتمع عليها الأهالي.
وبعد أن أسس فيهم هذا المبدأ أوجد جيلاً جديداً من حوله ساهم معهم في افتتاح لجنة إصلاح ذات البين كأول لجنة في المحافظة كانت تمثل الذراع الإصلاحي لحل أي مشكلات وخلافات تنشأ بين أهالي المركز ، إضافة إلى افتتاح لجنة التنمية الإجتماعية الذراع التنموي ، والتي ساهمت في تحقيق التنمية لقرى وهجر المركز .
ومعروف عن الشيخ عايد المدرع أنه يشجع المواطنين ومشايخ القبائل والأعيان في المطالبة بالخدمات التي يحتاجها المركز ، فأوقد فيهم الحماس وكان يشجعهم ويحثهم على ذلك ، بل تعدى ذلك بأنه كان يقوم بالإتصال بالمسؤولين في الجهات الحكومية بنفسه لمتابعة طلبات المركز وهذا معروف في المحافظة ويعرفه كافة المسؤولين فيها .
لقد ساهم “المدرع” في وصول الخدمات إلى مركز الظبية والجمعة وكان لها نصيب الأسد مع المراكز الأخرى ، حيث ساهم في سفلتة الأحياء وإنارتها وتسوير المقابر ووصول السقيا للمواطنين ، لقد كانت له بصمة واضحة في المركز فهو من المسؤولين المحافظين على دوامهم اليومي ، ولا يتضجر من البقاء لحل مشكلة أو المساهمة في الإصلاح بين متخاصمين ، حتى ولو بقي يوم أو يومين بعيداً عن أطفاله.
كم نحن في حاجة إلى مثل عايد المدرع في مراكزنا ومحافظاتنا لكي يسعد هذا المواطن الذي يبحث عن مسؤول يستقبله بإبتسامة ويقضي له حاجته ، ويساهم في حل مشكلته ، وليس لمسؤول لا يجد منه إلا التسويف ووضع العراقيل أمامه في مراجعات طويلة ومملة ربما ينتهي عمره قبل أن تنتهي .
فما ينادي به ولاة الأمر هو خدمة المواطنين والتسهيل عليهم وقضاء حوائجهم بعيداً عن وضع العراقيل أمامهم.
كل ذلك وغيره الكثير ، هو الذي جعل أهالي مركز الظبية والجمعة يظهرون هذا الحب الجارف لرئيسهم ويتألمون لإبتعاده عنهم ، ولكن ما هون عليهم هذا الألم ، هو ثقة ولاة الأمر التي حظي بها في تعيينه محافظاً للكامل ، وترأس حميد المغربي للمركز من بعده كونه ابن المنطقة والخبير بشؤونها ونسأل الله التوفيق والسداد للجميع .
سلمان السلمي
مقالات سابقة للكاتب