أمة لا تقرأ لن تسود ..

سمعت أحد الخطباء من إحدى الدول العربية يقول : “إن الفرد الياباني يقرأ 80 كتاباً في السنة والفرد العربي يقرأ في السنة ثلاثة أرباع كتاب” ، فـ بقدر ماتعجبت من هذه الاحصائية حزنت وتألمت … ولاحت أمامي علامة استفهام كبيرة ، وهي كيف استطاع الياباني أن يقرأ هذا الكم من الكتب ونحن نعرف ماهي اليابان .. لقد غزت العالم بصناعاتها المميزة فهل للكتاب دخل في تطور صناعاتها ؟ ، وهل لديهم الوقت وهم من يبتكرون لنا كل يوم من التقنيات والصناعات ما يدهش العالم ؟ ، ولكن المعادلة تقول أن من يقرأ من البديهي أنه ليس لديه الوقت لكي يشتغل في الصناعات والابتكارات ، أي بمعنى أوضح أنه لا بد أن ينقسم المجتمع أو الشعب إلى نصفين .. نصف يقرأ والنصف الآخر يطبق عملياً ما قرأئه النصف الأول نظرياً .. أما أن يقرأ كل فرد من المجتمع وفي نفس الوقت يخترع ويبتكر؛ فهذا هو التميز والعبقرية في أجمل معانيها .

كل فرد من بني البشر أعطاه الله عقلاً يدبر به أمور معاشه ، ولكن العبرة تكمن في كيفية استعمال هذا العقل وهذه العطية الربانية … وقد يقول قائل كما نسمع دوماً ، تلك الحجة الواهية والتي تدعو إلى الخمول والاستكانة والكسل ، وهي أن الله أعطاهم الدنيا ، وهذا الكلام غاية في البلادة إن جير إلى غير مراده ، مما يؤدي إلى عدم فهم الدين بشكل صحيح، فلنفرض جدلاً إذا سلمنا بهذا الكلام فلماذا ننافسهم في دنياهم ؟ ، لماذا نسكن الدور الفاخرة ونركب السيارات الفارهة ؟ ، كان الأجدر بنا والأولى أن نسكن في مساكن من القش والخيام ومنازل الصفيح ، أو نفترش الأرض ونلتحف السماء حتى نلقى الله ..

أولسنا نقرأ في كتابنا الذي يحثنا دوماً على السير في الأرض والنظر في ملكوت الله من سموات وأراضين ؟ ، أوليس في كتاب الله سورة باسم الحديد ؟ ، أوليس الحديد يستخرج من باطن الأرض ومن الجبال ويحتاج إلى تقنية وعمل دؤوب لينتفع الناس به ؟ ، أن أخشى ما أخشاه أن نكون أمة تجيد الكلام دون الأفعال ، وننتظر من الغير أن يقوم بخدمتنا ونحن في بلهنية نائمون وفي دعة ساهون لاهون ..

فيا أيها الشباب الواعد .. نحن كلنا ثقة بكم بعد الله .. فلتشدوا سواعد الجد فأن الله أعطاكم طاقة فـ استعملوها في رقي مجتمعكم وبلادكم تقف لكم الأجيال القادمة احتراماً وتقديراً ، واعلموا أن أمة لا تقرأ لا يمكن أن تتقدم قيد أنملة أو تسود .. وأخشى أن نكون غثاء كغثاء السيل كما أخبر بذلك الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم ، فيا أمة المليار إن التاريخ لا يرحم الخامل وستعلم الأجيال القادمة وتتساءل عما ورّثناه لها ، وبهذا الأرث سوف تحكم علينا ، فـ لنبادر قبل أن نصحوا فنجد أن كل الأمم قد سبقتنا ، ونحث السير فنعجز عن اللحاق بها فيعتصرنا حينها الندم ولات حين مندم.

 

إبراهيم يحيى أبو ليلى 

مقالات سابقة للكاتب

تعليق واحد على “أمة لا تقرأ لن تسود ..

نويفعة الصحفي

مقال جدا قيم
ذكرني بقول عباس محمود العقاد ( لست اهوى القراءة لأكتب ، ولا لأزداد عمرا في تقدير الحساب ، إنما أهوى القراءة لأن لي في هذه الدنيا حياة واحدة ، وحياة واحدة لا تكفيني ولا تحرك كل مافي ضميري من بواعث الحركة . والقراءة وحدها هي التي تعطي الإنسان الواحد أكثر من حياة واحدة لانها تزيد هذه الحياة عمقا )
نعم القراءة هي وريد الحياة وشريان العمر وضوء المسير ..
شكرا للكاتب المبدع والذي عودنا على إبداعاته التي تصب في صالح مجتمعنا. نفعنا الله واياه بما نقرا والشكر موصول للصحيفة الرائدة فيما تنقله لنا ..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *