الإقتصاد و الإسراف

كلنا نعلم الظروف الاقتصادية التي يمر بها مجتمعنا و نرى كيف بدأ البعض يتكلم و يضج من هذه الظروف .. ولكن قبل الكلام و الضجيج استشعروا نعمة الأمن و الأمان التي نحن ننعم بها و يفتقدها غيرنا .. انظروا إلى الناس من جنوبنا و شمالنا تتخطفهم آلة الحرب بالقتل و التشريد و التهجير ، ونحن الحمد لله بخير و بلادنا بخير و في أيدي أمينة .. حفظ الله حكومتنا و أدام عزهم ، ونسأل الله أن يحفظ وطننا و حكومتنا ويديم علينا نعمة الأمن و الأمان ، و أن يحفظ جنودنا و يسدد رميهم و يرحم شهدائهم .

و لكن إذا لم نكن سنداً و عوناً لوطننا فلا خير فينا و هذه المسانده لا تكلفنا شيئاً سوى التخلي عن الكماليات و الإسراف و التبذير ، فـ لو نظرنا من زاوية الدخل نجده يختلف من موظف إلى آخر و باختلاف الدخل تختلف الطلبات اليومية من ضروريات إلى كماليات؛ و التي تصل في بعض الأحيان الى درجة الإسراف و التبذير ، و كل إنسان لا يريد التخلي عما تَعوَّد عليه من عادات حتى و إن كانت عادات سيئة ، و التي أصبحت كل سنه تزيد عن التي قبلها.

انظروا إلى الكماليات التي لا تسمن و لا تغني من جوع ، و كل مافيها هو مجرد هدر للمال و الجهد و الوقت بغير وجه حق .. هدر الأموال يتجلى في الاسراف في الولائم ، و في استهلاكنا اليومي ، و كميات الأكل الذي يُرمى في حاويات النفايات …إلخ ، فـ جميعها إسراف و تبذير .

ونرى الكثير مع الأسف الشديد يهدر الأموال في التباهي الكاذب و يردد الصراخ و التباكي من بعض القرارات ، بينما هو يسابق الناس و يقف بالساعات في الاصطفاف ليظفر بجهاز جوال جديد الأحدث نزولاً في الأسواق وسعره آلآف الريالات – صحيح الأسعار مرتفعة – و لكن علينا أن نبدأ بأنفسنا ، علينا أن نصلح الخلل الذي يعاني منه مجتمعنا .

هذه الأزمة الإقتصادية التي بدأ الكثير يضج منها هى فرصة لنا لنغير الكثير من عاداتنا في الإسراف و الإنفاق و شراء الأشياء التي ليست ضروريه ، و لنترك الإسراف و التبذير الذي نهانا عنه الله ، و لنجعل الجيل الجديد يتعلم معنى التوفير ، فقد نهانا الله سبحانه و تعالى عن الاسراف و التبذير بجميع صوره و أشكاله ، وقال في كتابه الكريم { ولا تبذر تبذيرا إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين وكان الشيطان لربه كفورا } ، وقال : { و كلوا و اشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين } .

لا يخفى علينا حال العديد من الأمم و الدول التي كانت في رخاء من الخير ولكنهم لم يصونوا نعم الله التي أنعم بها عليهم و لم يحفظوها من الإسراف و التبذير ، فـ بعض تلك الدول بعدما سادت بادت و انتهت و أصبحت ماضي .. أصبحت مجرد قصص تتناقلها الأجيال ليأخذوا منها العبر ، و بعضها مايزال موجود للآن و لكنهم في اسوأ حال لدرجة إن أهلها لا يجدون حتى الماء النقي النظيف الصالح للشرب ، علينا أن نأخذ الدروس و العبر من الغير قبل أن نكون دروس عبر لغيرنا .

 

 نوف الحربي

مقالات سابقة للكاتب

2 تعليق على “الإقتصاد و الإسراف

مفلح الصاطي

الاقتصاد في كل الأمور مطلب شرعي وديني قبل أن يكون ضرورة اقتصادية
وفعلا صدقت الكاتبة في تضجر الناس من ضعف الموارد المالية بينما يتهافتون في نفس الوقت على كماليات لا داعي لها
إننا مطالبون بنشر ثقافة الاقتصاد وأن تكون ضمن منظومة القيم التي يتعهدها أرباب التربية

شكرا لك كاتبتنا الموقرة على دق ناقوس الخطر من بعض التصرفات الاجتماعية الخطيرة ويقع عليكن أيتها الأخوات مسؤولية عظيمةفي توعية بنات جيلكن وتبصيرهن بهذه الأمور
دمت موفقة لكل خير ودام قلمك يسمو بكل ما من شأنه رفعة المواطن

نويفعة الصحفي

قال الله تعالى : { و كلوا و اشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين }
مبدأ عليه تستقيم حياتنا ، وتعتدل .ليس اقتصاديا فقط ، بل في كل حياتنا ، حتى في علاقتنا بالأخرين ، لأننا نكون قد حققنا مع كل فئات المجتمع الوسطية و الإعتدال الذي يحفظ علينا النعمة من جهة ، ومن جهة أخرى نستشعر به احوال إخوتنا في كل بقاع العالم ، نضيف على ذلك أن هذا البلد الغالي يستحق أن نسخر طاقتنا من أجله ، لا أن نتضجر ، فنحن في أعظم بلد في العالم ، والله هو الذي شرفه ولنا به كل الشرف ..
سلم الفكر يا نوف أبدعتي بارك الله فيك .وسلمت لنا الصحيفة الموقرة .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *