لجنة إصلاح ذات البين بمحافظة خليص ، إحدى المؤسسات المجتمعية التي تقدم خدمة جليلة للمجتمع ، ومن أجل تعريف المجتمع بأعمال اللجنة وإلقاء الضوء على أهم إنجازاتها ، يسر صحيفة غران الإلكترونية أن تجري اللقاء التالي مع رئيس اللجنة الدكتور عبدالغني بن عبدالله الحميري.
بداية أسمح لنا دكتور عبدالغني أن نتقدم لكم باسم صحيفة غران الإلكترونية ، ونيابة عن قرائها الكرام بالشكر الجزيل على هذا اللقاء ، ودعنا نبدأ بالسؤال الأول حول تأسيس اللجنة.
|
|
- متى تأسست لجنة إصلاح ذات البين بمحافظة خليص ، وكم عدد أعضائها ؟
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ..
بداية أشكر لكم أخي أستاذ أحمد ولصحيفة غران الرغبة في إلقاء الضوء والتعريف بلجنة إصلاح ذات البين بمحافظة خليص ، واسمحوا لي قبل الحديث عن تأسيس لجنة إصلاح ذات البين بمحافظة خليص أن أشير إلى اللجنة الأم التي تعد لجنة خليص تابعة لها ، وهي لجنة إصلاح ذات البين بمنطقة مكة المكرمة التي يرأس مجلس إدارتها صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل أمير منطقة مكة المكرمة.
وقد جاءت فكرة إنشاء هذه اللجنة استجابة لأمر سام كريم موجه إلى جميع أمراء المناطق يقضي بوجوب السعي في العفو في قضايا القصاص وفي بذل الشفاعة قبل تنفيذ الحكم ، ومن هنا تبنى أمير منطقة مكة المكرمة آنذاك صاحب السمو الملكي الأمير عبد المجيد بن عبد العزيز (رحمه الله ) فكرة إنشاء اللجنة، وأصدر قرار إنشائها عام 1422هـ ، وبدأت تتسع وتتنوع اهتمامات هذه اللجنة فإلى جانب القضايا التي تتعلق بالعفو في القصاص أصبحت تشمل كافة مجالات إصلاح ذات البين سواء الخلافات الأسرية و الاجتماعية والمالية وغيرها إلى جانب تقديم البرامج الوقائية التي تخدم أهداف اللجنة، وقد حظيت هذه اللجنة بمزيد اهتمام ورعاية من لدن صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل عندما تولى إمارة منطقة مكة المكرمة إيماناً منه بالدور الكبير الذي تضطلع به اللجنة في المجتمع، وكان من ثمار هذا الاهتمام تأسيس فروع للجنة إصلاح ذات البين في محافظات المنطقة ، ومنها فرع اللجنة بمحافظة خليص ، الذي تأسس عام 1435هـ ، ويتألف مجلس إدارة اللجنة من أحد عشر عضواً.
- ما هي الآلية التي تستقبل بها اللجنة القضايا ؟ وما الإجراءات المتبعة عند استقبالها؟
تقوم اللجنة بحسب نظامها باستقبال القضايا التي ترد إليها من الجهات الرسمية ذات العلاقة كالمحكمة والمحافظة والشرطة ، أو مؤسسات المجتمع المدني كحقوق الإنسان أو غيرها من المؤسسات الأخرى ، وهناك أسس وقواعد تعمل اللجنة في ضوئها عند استقبال أي قضية ومن ذلك :
- المحافظة على سرية القضية والمعلومات المتعلقة بها.
- دراسة الأوراق المتعلقة بالقضية دراسة جيدة وفهم أبعادها وملابساتها.
- الاتصال بالمدعي وسماع أقواله بالتفصيل وتدوين الملحوظات الضرورية عن المشكلة.
- استدعاء المدعى عليه والسماع منه ومناقشته وبحث إمكانية الحل.
- إعطاء كل طرف من أطراف القضية الفرصة الكافية للتعبير عن وجهة نظره بالكامل في القضية.
- الإشادة بالصلح وأهميته وذكر فضله وتوعية المتنازعين بأهمية العفو والتسامح.
- تدوين المعلومات الهامة التي يذكرها كل طرف ومناقشته ما أمكن فيها.
- عدم جمع المتخاصمين في مجلس واحد قبل أن تتضح الصورة ويتم التوصل إلى حل.
- التشاور مع بعض المصلحين للتعاون في إيجاد حل إذا استدعى الأمر ذلك .
في ضوء الأسس والقواعد السابقة تعمل اللجنة ، أما فيما يتعلق بالخطوات الإجرائية فإن القضية تنظر غالباً من جميع أعضاء اللجنة في اجتماع يعقد لذلك ومن ثم يكلف بعض أعضاء اللجنة بإحالة رسمية من مدير اللجنة باستلام ملف القضية ويتم البدء في محاولة الصلح في ضوء القواعد التي ذكرت ، فإذا وفقت اللجنة التي تولت القضية في الوصول إلى الصلح تقوم بإعداد محضر الصلح الذي يدون فيه ما تم الاتفاق عليه بين أطراف القضية ويؤخذ توقيعهم على ذلك ، وإذا لم تنته القضية بالصلح يعد تقرير رسمي عن الموضوع يذكر فيه الخطوات والمحاولات التي قامت بها اللجنة ومرئياتها حول موضوع الخلاف ويرسل إلى الجهة التي وردت منها القضية وهذا ما يميز لجنة إصلاح ذات البين عن غيرها من اللجان فهي تجمع بين موعظة القرآن وهيبة السلطان.
- هل يمكن لأي شخص أن يطلب من اللجنة التدخل في قضية يعرفها؟
الأصل كما ذكرت سابقاً أن القضايا ترد إلى اللجنة من الجهات الرسمية أو مؤسسات المجتمع المدني ولكن هذا لا يمنع أن تتدخل اللجنة بصفة ودية في قضية ما إذا طلب أحد أطراف القضية تدخل اللجنة ، ولا أخفيك أن هناك الكثير من القضايا التي نظرتها اللجنة جاءت بصفة شخصية .
- هل يوجد في اللجنة عضوات؟ وكيف تتعامل اللجنة مع القضايا التي فيها عنصر نسائي؟
مجلس إدارة اللجنة يتكون من رجال فقط ، واللجنة تستعين بأشخاص من خارج مجلس إدارتها في بعض القضايا ، ونظام اللجنة لا يمنع ذلك سواء من مشائخ القبائل وأعيانها ، أو ممن لهم قبول في المجتمع ولديهم الرغبة في العمل في مجال إصلاح ذات البين ، أو ممن يمكن أن يكون لهم تأثير على أطراف القضية ، وإذا ما وجدت قضية تتطلب مشاركة عنصر نسائي في محاولات الإصلاح ، فاللجنة ستقوم باتخاذ ما يلزم لإشراك عنصر نسائي للتواصل مع الأطراف النسائية في القضية.
- هل تطالبون بضم عناصر نسائية للجنة؟
الملاحظ أن أغلب القضايا التي تعرض على اللجنة أطرافها من الرجال وبالتالي لا أتصور أن هناك ضرورة لوجود عنصر نسائي في اللجنة ، ولكن كما سبق أن ذكرت عند وجود حالات وقضايا تتطلب مشاركة المرأة في جهود الإصلاح فسيتم الاستعانة بمن يمكن أن يكون لها دور وتأثير وقدرة في الإسهام في حل أي قضية.
- كم عدد الحالات التي باشرتها اللجنة منذ تأسيسها؟ وكم عدد الحالات التي انتهت بالصلح؟
ج: بفضل الله تعالى وفقت اللجنة إلى حل الكثير من القضايا التي عرضت عليها بصفة رسمية أو بشكل ودي وانتهت بالصلح ، ولا يحضرني الآن عدد هذه القضايا ولكن أستطيع أن أقول أن ما نسبته تقريباً سبعين في المئة قد انتهت بالصلح ولله الحمد.
- ما مدى تقبل المجتمع وثقته باللجنة؟
من حيث المبدأ فإن إصلاح ذات البين من الأعراف السائدة في مجتمعنا التي تنطلق من مكانة وفضل هذا العمل في ديننا الإسلامي الحنيف، وكان لمشائخ القبائل وأعيان المجتمع دوراً بارزاً في هذا المجال ، وكانت عادات وتقاليد المجتمع تعزز هذا الأمر ولكن مع التغيرات الاجتماعية والاقتصادية التي حصلت في المجتمع بدأ ينحصر هذا الدور وإن لم يزل له أهميته وبالتالي فإنه من المتوقع أن المجتمع يتقبل فكرة الإصلاح واللجنة تقوم بهذا الدور ولكن بطابع مؤسسي ورسمي ، ومما يؤكد ثقة المجتمع باللجنة ولله الحمد أن بعض القضايا وردت للجنة بشكل ودي قبل أن تصل للجهات الرسمية.
- ما هي العقبات التي واجهتكم أثناء عملكم باللجنة ؟ وهل هناك احتياجات معينة تطالبون بها للارتقاء بمستوى أداء اللجنة؟
بفضل الله لا توجد عقبات تحد من عمل اللجنة ولكن هناك احتياجات لا زالت اللجنة تتطلع إلى توفيرها لمقر اللجنة ومن ذلك استكمال الأثاث المكتبي لمقر اللجنة ، وتوفير جهاز حاسب آلي وملحقاته ، والأهم من ذلك وجود موظف متفرغ لإدارة أعمال مكتب اللجنة ، وقد سبق للجنة إصلاح ذات البين بمنطقة مكة المكرمة أن وعدت بتأمين سكرتير للجنة ولكن حتى الآن لم يتحقق ذلك.
- لماذا لا يوجد لديكم قنوات تواصل مع المجتمع؟
كما أسلفت أن آلية عمل اللجنة في الأساس ذات طابع رسمي فالقضايا ترد إلى اللجنة من الجهات الرسمية ومؤسسات المجتمع المدني ، ولكن في الوقت ذاته تتطلع اللجنة إلى الانفتاح على المجتمع من أجل تحقيق دورها التوعوي الوقائي واللجنة تعمل الآن على ذلك.
- هل للجنة دور توعوي؟ وماذا قدمتم في هذا الجانب؟
لا شك أن العمل التوعوي الذي يصب في الجانب الوقائي يعد من الأهداف التي تسعى اللجنة إلى القيام بها ، وذلك ببث ثقافة الحوار وتعزيز قيم العفو والتسامح الأمر الذي يؤدي إلى تضييق احتمالات الخلاف ووأد المشكلات في مهدها ، وهذا مما يخفف على الجهات الرسمية من جهة ، ومن جهة أخرى فإن حل النزاع والخلافات بالصلح يترتب عليه فوائد كثيرة منها صفاء النفوس وتعميق المحبة ونزع مسببات الشقاق والتقاطع بين المتخاصمين ، ولكن كما تعلمون أن تنفيذ البرامج والأنشطة التوعوية يتطلب موارد مالية واللجنة في وضعها الحالي لا يوجد لديها أي مصدر للدعم المالي.
- ما هي الخطط المستقبلية للجنة؟
من الأولويات التي تخطط اللجنة لها الآن الاهتمام بالبرامج الوقائية والتوعوية ، ومن ذلك إقامة المحاضرات والندوات والمسابقات التي تتناول موضوعات العفو والتسامح وبث قيم العفو والأخوة والمحبة والتعاطف بين أفراد المجتمع ، والتحذير من أسباب الشقاق والتقاطع ، كما أن اللجنة تتطلع إلى إقامة ملتقى لمشائخ وأعيان وأصحاب العلم في المحافظة ، لمناقشة وتدارس قضايا إصلاح ذات البين وتحقيق التنسيق والتكامل بين الجهود المبذولة في هذا المجال ، وكما تعلم أن هذه البرامج والمشروعات تحتاج إلى توفر موارد مالية وإمكانات معينة لتنفيذها ، ولجنة إصلاح ذات البين لجنة خيرية لا يتوفر لديها أي مورد مالي.
ومن هنا فقد شرعت اللجنة في عقد شراكات مع عدد من الجمعيات واللجان الأهلية في المحافظة ومن ذلك جمعية البر الخيرية ، وجمعية مراكز الأحياء ، ولجنة التنمية الاجتماعية الأهلية بأحياء شرق خليص ، ولجنة التنمية الاجتماعية الأهلية بغران ، وذلك من أجل التعاون والتشارك في تنفيذ البرامج والمشروعات التي تدخل في اهتمامات وأهداف هذه الجهات ولجنة إصلاح ذات البين ، كما أنني ومن خلال صحيفتكم الغراء أوجه الدعوة لرجال الأعمال وجميع الموسرين إلى دعم اللجنة واحتساب أجر الإصلاح في هذا ، والله جل وعلا يقول” لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس ومن يفعل ذلك ابتغاء مرضات الله فسوف نؤتيه أجرًا عظيما”.
- هل من كلمة أخيرة في هذا اللقاء؟
لا يفوتني في هذا اللقاء أن أتقدم بخالص الشكر والتقدير لسعادة محافظ خليص الأستاذ سلطان بن ناصر آل معمر على دعمه المتواصل والدائم للجنة إصلاح ذات البين ، وحرصه على أن تقوم اللجنة بتحقيق الأهداف التي وجدت من أجلها ، والشكر موصول لزملائي في اللجنة الذين يبذلون الجهد والوقت من أجل القيام بمهام اللجنة على الوجه المطلوب ، وكذلك لا يفوتني أن أشكر كل من أسهم وشارك مع اللجنة في الإصلاح بين الناس ، وأسأل الله تعالى أن يجعل ذلك في موازين حسناتهم ، ونسأل الله تعالى صواب القول والعمل وأن يجعل ذلك خالصاً لوجهه الكريم.