ثورة المعلومات والتقنية والتي صارت تحيط بنا كالسوار بالمعصم وتطوقنا من جهاتنا الأربع، والتي هي ثمرة الإنتاج الفكري لإنسان هذا القرن والتي تُعد ثورة تضاهي كل الثورات التي عرفها الإنسان، حتى باتت الثورة الصناعية أمامها أمرًا غير ذي شأن، ولأني مهتمة ومنشغلة بالتعليم من جهة وأمارس عملي كل صباح أمينة لمصادر التعلم في مدرسة ثانوية صار لزامًا أن أبحث وأطيل البحث عن كيفية الإفادة من التقنية وإمكانية دمجها في التعليم بهدف الارتقاء وزيادة الفعالية بتوظيف الحاسب وبرمجياته واستخدام شبكة الإنترنت حتى يتحقق شعار مرفوع منذ أمد ( الطالب هو محور العملية التعليمية ).
كان ومازال مشروع الملك عبدالله ( تطوير ) قائدًا لهذه الرؤية الطموحة بتحسين البيئة التعليمية وتأهيلها وتهيئتها لدمج التقنية والنموذج الرقمي للمنهج لتكون بيئة الفصل محفِّزة للتحصيل والتدريب؛ والهدف تحقيق نقلة نوعية للمناهج بما يتلاءم وحاجات العصر وسوق العمل ومن ذلك التعليم الإلكتروني الذي يعتمد على الطالب والطريقة التي تلائم قدراته واستعداداته، وهذا النوع من التعليم بحاجة إلى بنية تحتية من الأجهزة والمعدات؛ ومن هنا ظهر نمط جديد يجمع بين هذا النوع من التعليم والتعليم التقليدي وهو ( التعلم المُدمج ) والذي يستخدم أكثر من نمط لتقديم المعرفة أو استخدام التقنية في التدريس داخل الصف أو داخل غرفة المصادر بمعنى استخدام أكثر من طريقة من خلال دمج وسائط تعلُّم متعددة وهو مايلائم أكثر الطلاب والطالبات كما تُشير بذلك بعض نظريات التعلم؛ الفصول الافتراضية واستخدام شبكات التواصل الاجتماعي في الشرح وتبادل المعلومات وأداء الواجبات والاختبارات الافتراضية وإجراء التجارب ونقل الخبرات كلها أساليب تجعل من الفصل الافتراضي أسلوبًا تقنيًا يدعم العملية التعليمية ويحسِّن المخرجات.
التعليم في واقعه عمليةٌ مستمرة ومنهجٌ للتنمية وطريقٌ للتفوق مع أجيالنا الجديدة والماهرة في التعامل مع التقنية وبرمجياتها التي تتطور كل يوم، والطفل الذي يبرع في التعامل مع برامج وتطبيقات الإنترنت هو في واقعه جاهزٌ للتعامل مع التقنية بل وقادرٌ على أن يضيف ويبتكر ويبدع؛ التعليم التقليدي يوفِّر للمتعلِّم المهارات الفنية اللازمة للإنتاج المكرر، طالما أن ما تعلَّمه يُستقى من تجارب سابقة ، أما الإبداع فيتطلب دائرة من المعارف أوسع من ذلك تبدأ بتوفر المعرفة اللازمة للتنفيذ ، وتتسع لتشمل الملاحظة العميقة لأحوال المجتمع وحاجاته وحتى الطبيعة بكل ما فيها.
ولتكتمل الصورة ونستطيع أن ندخل بثقة في عالم التقنية من أوسع الأبواب ، كان لزامًا ردم الهوَّة الملحوظة والمشاهدة في الميدان والتي تتمثل بالفارق الزمني ( إن صح التعبير ) بين المعلمة والطالبة، فالأخيرة تتفوق في التعاطي مع التقنية أكثر من معلمتها ، وردم الهوَّة مسؤولية تقع على عاتق المعلمات أولاً بتطوير قدراتهن في التعامل مع التقنية وخاصة ما يتعلق بالتقنية التي تخدم العملية التعليمية داخل غرفة الدراسة ، كما تقع أيضًا على وزارة التعليم وإداراتها والتي يجب أن تولي تدريب المعلمات وتشجعهنَّ على الممارسات التقنية لإدخالها في عملية التدريس؛ حتى يستطيع الطائر أن يستخدم كلا الجناحين بثقة واطمئنان.
زينب الجغثمي
مقالات سابقة للكاتب