أن يعيش المجتمع بكل أطيافه ويبني نفسه وتتظافر الجهود وتبتكر العقول المجتمعة ، خير له من أن يتقوقع على نفسه فتسوده الأنانية والأثرة وتطغى عليه الفرقة والتشاحن والبغضاء ، فالعقول المجتمعة تبني ما لا يبنيه العقل الواحد المنفرد ، ومن المعروف أن بالوحدة والتكاتف والتعاضد ترتقي الأمم …
فهيا بنا نضع سواعدنا وأيدينا فوق بعضها بصدق وإخلاص وحسن نية ونلقي بكل المصالح الذاتية والفئوية ، ونبني ونعلي البنيان ونبتكر ونقف صفاً مرصوصاً واحداً كما أمرنا مولانا جل ذكره وتعالت أسمائه وصفاته ونقف في وجه كل من أراد أن يدق أسفين الخلاف فيما بيننا ليستنزف مواردنا وليستفيد من فرقتنا ، فالأعداء متربصون بنا فكم ممن حسبناه من الأصدقاء الناصحين فإذا به يصافحنا بيد ويبتسم ابتسامة صفراء ويمسك باليد الأخرى خنجراً تقطر منه سموم الحقد ليطعننا في الصميم ، فلنتخذ من مقولة الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه وسيلة لدفع الخادع لنا ( لست بالخب ولا الخب يخدعوني ) ، بربكم دعونا نلقي بكل مصالحنا الذاتية جانباً ونعمل سويا .. أناشدكم بالله الذي تؤمنون به فوالله إن الاعداء يتحينون الفرص وهم معروفون ، فقد فضحهم الله لنا وما علينا الا الإحتراز وأخذ الحذر ونجعل قلوبنا على قلب رجل واحد بصدق ، فوالله إن فعلنا فلن يقوم لنا شيء ، نتوكل على الله ثم نجتهد ونعمل ونبني فنحن في زمن التكتلات وما أروع أن نتكتل كتلة واحدة ونمضي قدماً ولا ننسى أنه ستأتي أجيال وتقيم عملنا كما نحن الآن نقيم أعمال من سبقوا ونعم ماعملوا وكلنا نشهد لهم بحسن ما عملوا …
فنحن ولله الحمد لدينا كل مقومات الإزدهار والقيادة ومن ثم النصر في كل الميادين ، فالأمة الاسلامية أكثر الأمم شباباً بينما غيرنا من الأمم تشيخ وتوشك شمسهم على الأفول ونجمهم أن يغور وفوق هذا كله لدينا كتاباً من عند ربنا فلنتخذه دليلاً وقائداً ونبراساً ودستور حياة .
إن كتاب ربنا قد أنار لنا كل السبل الدنيوية منها والأخروية وقد علم الأعداء ذلك لذا هم يشمرون عن سواعدهم ليبعدوا الشباب والشابات عن هذا النبراس ويوهموهم ويلقون في روعهم أن من يتمسك بهذا الكتاب إنما مصيره التأخر ، وكذبوا والله هم يعلمون قوة هذا الكتاب ، وينظرون هزيمتهم على أيدي من يتمسكون به ويجعلونه قائدهم فيتملكهم الرعب كما تملك أجدادهم فهزموا شر هزيمة ولا يريدون أن تعود تلك الحقب من الانتصارات عليهم من قبلنا ، فهم يجاهدون ما استطاعوا في تثبيطنا ليبينوا للعالم أننا أمة كسولة همها النوم لا تقوم الا لملأ بطونها وإشباع شهوتها ، فهلم نكذب أحدوثتهم ونفلل رأيهم ونثبت للعالم أجمع أننا في طور الاستيقاظ بعد السبات الذي حسبوه موتنا .
إبراهيم يحيى أبو ليلى
مقالات سابقة للكاتب