ملتقى غران الثقافي تحت المجهر
————————————
سأكتب لكم اليوم عن الملتقى بعين رأت وأذن سمعت وقلب حاضر ، سأدون خاطرة لعلها تكون هادفة ، للناس نافعة ، وعن الزلات شاردة ، وإلى الحق سابقة .
ستة أيام عشتها من أولى اللحظات إلى آخرها ، كانت مليئة بالمواقف الإيمانية التي تزرع في النفس الحب والرجاء فيما عند الله عزوجل ، وتشعر أنك فيها إلى الله أقرب ، وإلى طريق الخير أدنى .
لقد دخلت مشاركًا في جميع اللجان تشريفًا وليس تكليفًا ، ورأيت بأم عيني مقدار الجهد الذي يبذل ، وشاهدت الاستعدادات الضخمة التي توفر، تسبق كل فقرة تقدم ، فمن استقبال الشيوخ في قاعة خاصة وضيافتهم وإكرامهم إلى الانتقال بهم حيث الجمهور وبداية البرنامج مرورًا بلجنة التوثيق واللجنة الإعلامية ولجنة الضيافة داخل القاعة وشباب مجموعة غران التطوعية وانتهاءً بالضيافة الأولية لأول ضيوف اللقاء وتقديم واجب العشاء عند الساعة التاسعة تقريبًا وبداية مشوار آخر في فقرة ثانية وضيف آخر ، بل ضيوف آخرين من شيوخ ومدربين ومدخلي البسمة والبهجة والسرور على الجمهور . وما يصاحب ذلك من تقديم وجبات خفيفة بين الفقرات .
عمل دائب مستمر وإحساس بالمسؤولية ، وحب فيما عند الله وقربى إليه ، فإنك لا تجد ولا تشاهد من منهم أكثرهم خدمة وعملا ولا يخرج بالصورة ، ولا يريد من حظوظ الدنيا شيئًا ، بل في الله والدار الآخرة هي المطلب .
عجبت من هؤلاء القوم أصحاب نفوس هنية لينة ، وابتسامة حاضرة ودماثة خلق ، لا تحس بغربة بينهم ولا ينتابك خمول ولا كسل وأنت ترى همم كالجبال ، وعزيمة رجال ، أبطال .. أبطال .
وأكثر ما جذبني هو ما وقفت عليه في مخيم الأبطال ، أكثر من 200 بطل من الأشبال ، من يستطيع السيطرة عليهم ؟! ومن بقدرته التحكم فيهم ؟! هنا تكمن الصعوبة ، وهنا وقفت ناظرًا متعجبًا فيما أشاهد ، أربع ساعات عمل تقريبًا من الساعة السابعة وحتى الساعة الحادية عشرة وأنت تدير أشبال ذوي أعمار مختلفة ورغبات متباينة ، كيف لك السيطرة عليهم وتلبية المطالب لكل منهم ؟! وإن كنت تعجب فعجبًا أن هؤلاء الأبناء ليس معهم والديهم ولا إخوانهم ، بل سلموا إلى القيادة الرائعة الفذة وذهبوا ليستمعوا للذكر في المجلس الطيب . لقد عجبت لهذا ، وحق لي العجب .
لكني مشيت من هذا المخيم إلى المخيم الرئيس ، وبطريقي وجدت أخوة قد نذروا أنفسهم لحراسة مخيم النساء وليكونوا همزة وصل بين المخيمين ، تضحية وجهدًا واحتسابًا للأجر .
أما مخيم النساء ، فهناك خلية نحل أخرى لا تكل ولا تمل من الحركة والنشاط ، وتنظيم مماثل كما في مخيم الرجال ، نساءٌ نذرن أنفسهن للعمل واكتساب الأجر ، ووضعن انفسهن لخدمة ضيوف اللقاء .
فهن يستمعن في بداية اللقاء للفقرة الأولى مع الرجال في نقل مباشر ثم يتفاعلن بعد ذلك في برامج مختلفة وداعيات ومدربات ، وهناك فريق عمل متكامل في كل شيء إعلاميًا وإشرافيًا واستقبالاً وضيافة وغير ذلك .
وربما فاق النساء الرجال في تنوع البرامج ووجود الأركان الخاصة بالفتيات .
لقد بهرت بفكرة الملتقى وهي الاعتناء بالأسرة كاملة ، الرجل في مجلس ذكر ، والمرأة في قاعة أخرى ، والابن في مخيم الأشبال ، والبيت في ركن الفتاة ، والكل في خير وإلى خير طيلة الأيام الستة .
الشكر لا يوفيهم حقهم ، وكلمات الثناء مهما سطرتها سوف تعجز عن وصف هؤلاء الأبطال في المكتب التعاوني للدعوة والإرشاد ودعوة الجاليات .
غير أني سجلت بعض الملاحظات التي أرجو أن نتداركها بالملتقى القادم .
1/ الإعلام ، الإعلام يجب أن تتولاه شركة متخصصة كي تنقل هذا الخير إلى كل العالم عبر قنوات فضائية متمكنة .
2/ مشكلة اعتذار الشيوخ أو المدربين أو الداعيات عن الحضور في اللحظات الأخيرة تحتاج إلى إعادة نظر .
3/ التأخر إلى الساعة الحادية عشرة كثير وخاصة في أوقات الدراسة .
4/ إكرام الشباب وتكريمهم أما آباءهم كان أفضل لو تم .
5/ الإضاءة لم تكن جيدة ، وتحتاج إلى تنفيذ جذري.
6/ كنت أود لو تم إعطاء الفرصة للجهات المشاركة في الملتقى كي يقدموا أنفسهم ويقدموا خدماتهم ويوضحوها أمام الجمهور كي ينشدوا ثقافة وأهداف الجهات التي ينتمون إليها .
هذه ست ملاحظات لأجمل ستة أيام في ملتقى هو الأكبر والأقوى أثرًا في مجتمعنا .
وهي لا تعني انتقاصًا منه ، بل السعي إلى الأفضل بما أن القائمين عليه هم كوكبة من الأخيار الذين يتطلعون إلى الأفضل دائمًا
وفقنا الله إلى ما هو خير
كتبه
أحمد بن عناية الله الصحفي
مقالات سابقة للكاتب