لغتنا العربية 

يحتفي العالم في الثامن عشر من ديسمبر من كل عام باليوم العالمي للغة العربية ، فهل الاحتفاء باللغة العربية يقتصر على يوم واحد في السنة ؟! ثم كيف تكون طبيعة الاحتفاء ؟!

إن اللغة العربية قد حباها الله من الجمال والكمال مالم يسبغه على لغة أخرى وخصها بفريد الخصائص التي لم يفز بها لسان آخر  ؛ كيف وهي اللغة التي اختارها سبحانه لتكون وعاء كتابه وحرف قرآنه! ، واجتباها لتكون لغة أهل جنته وساكني فردوسه .

هذه اللغة التي أدهشت غير العرب وأذهلت المستشرقين الذين وقفوا مشدوهين أمام جمالها حائرين في أمر سرها العجيب من غزارة ألفاظها ودلالة مفرداتها .. انظر ما قاله الفرنسي ( رينان ) حينما يقول ( اللغة العربية بدأت فجأة على غاية الكمال فلا طفولة لها ولا شيخوخة ) ، ويقول الألماني ( فريتاغ )  مندهشاً ( اللغة العربية أغنى لغات العالم ) .

وتدهش أخي القارئ عندما ترى الأسباني ( فيلا سبازا ) يقول ( العربية أرقى من كل لغات أوروبا ) .. هذا غيض من فيض شهادات الأجانب في سمو العربية وبديع حالها.

فلماذا لا نوقر في نفوس أبنائنا الإيمان بأن العربية هي ملكة اللغات ومن الواجب علينا التغني بها مخاطبة ومحادثة ؟

لماذا لا نبين لأجيالنا الإمتاع الساحر في لغتنا صوراً وتراكيباً وبياناً ؟

لماذا نتعامل مع اللغة وكأنها معادلات رتيبة جامدة ؟! ، لماذا نحفر في أذهان طلابنا أن اللغة العربية هي النحو فقط ؟!

إن الواجب على المهتمين باللغة أن يتعاملوا مع اللغة وكأنها كائن حي ينمو ويتجدد بالاستمتاع به ويحصل ذلك باستخدام الدلالات ، والصور ، والتراكيب ، والمجاز ، وإجراء المقابلات وغيرها من الأدوات التي تعتبر طبقاً تقدم فيه اللغة ثم إنه يحصل هذا الاستمتاع بما قاله ( ابن خلدون ) عندما قال ( النحو لا يعلم اللغة بل اللغة هي التي تعلم الناس النحو ) ، وتظل القراءة هي الطريق الموصل والنبراس المنير لكل علم وفن .

إن الاحتفاء باللغة العربية لا يكون بالاجتهاد في يوم واحد ورفع الشعارات وما نراه من الاهتمام الارتجالي ؛ بل هو أسلوب حياة مع هذه اللغة ، وإن الاهتمام باللغة ليس محصوراً في معلم اللغة العربية فقط ؛ بل يجب على كل معلم في المدرسة أن يهتم ، ثم ما المانع أن يصوب معلم الاجتماعيات أو العلوم الإسلامية أو الرياضيات خطأً كتابياً لطالب ؟! ، وما الغريب إذا قام معلم العلوم أو التربية البدنية بتصويب قراءة طالب ؟! .. إن حراس اللغة ثلاثة : الشعراء ، والمخترعون ، وباقي الناس ، فماذا أعد كل منا للغة القرآن الكريم ؟.

 

مفلح الصاطي الحربي 

مقالات سابقة للكاتب

5 تعليق على “لغتنا العربية 

محمد الرايقي

للأسف اللغة العربية لا تشكو جحودا من الغرب والغرباء بل تشكو الجحود من الأهل والأبناء ، فالكثير منا لايسعى إلى أن يغرس في نفوس ابناءه أو طلابه بأن هذه اللغة هي لغة القرآن الكريم وهذا شرف لايضاهيه أي شرف.
واحتفالنا السنوى ماهو الا ومضة إشعاع وبريق أمل للتذكير بهذا الشرف وهذه القيمه للغتنا الخالدة.
نشكر لك أستاذنا الفاضل والكريم الأستاذ : مفلح الصاطي على مقالك الراقي والرائع
لك خالص الود

نويفعة الصحفي

اللغة العربية هي لغة القرآن ، ولغة العبادة ، و لغة الشعائر ، ولغة العلماء ، ولغة التعامل مع التراث ، ولغة التاريخ ، ولغة الاتصال بالقيم ، ولغة احياء معاني التميز .
فهذه اللغة بكل هذا الزخم تصنع إنسانا عظيما يستعصى على الإحتواء ، إنسانا له تميز وله إعتزازه ، ويصعب على غيره أن ينتزع منه هويته وعزته وكرامته ، فهي باقية مابقيت اللغة العربية.. لذلك قال عنها العقاد :” الهوية الواقية ”
وما هذا المقال إلا كلمات تعد الدرر في مضمونها ، ودعوة مخلصة في الحفاظ على هذه اللغة ، والأخذ بأيدي الأجيال للغوص في مكامن اللغة العربية ، وتذوق جمالها ، وما هذه الخدمة الإ عبادة نؤجر عليها.. ونحن بلاشك على يقين أن من حفظ كتابه من الزلل فهو قد حفظ لغته من الزوال ..
شكرا للكاتب المبدع الذي عودنا على إبداعه .والشكر للصحيفة الغراء الرائدة في جميع إهتماماتها .

عادل البشر

دائما الاستاذ مفلح يكون بالموعد
وهذا المقال إضافة جديدة لتميز الاستاذ كمشرف تربوي لأكثر من 60 مدرسة
كل الشكر والتقدير لكم ومزيد من التألق والنجاح

عبدالرحيم الصبحي ـ أبـو أوس

ليـست البحر ففي الـبحر غـثـاء وهـي تعـطي مـاءها عـذبا نقـيا
درهــا أصـفى مـن الـدر و أغـلى فــهـــي لا تــحــــمــل درا صـدفـيـا
هي بحر من بـيـان لـم يـخـالـط مـــاءه مـلـــح ولــم يـحـمـل عـصـيـا
لغة أسفر عنـهـا الـفـجر وجـها ســـاحـــر الـعـيـنـيـن ريــان المـحـيـا
ولـدت في حـضن تاريـخ عـظيم خــرجـــت مـنـه لـنـا خــلـقـا ســويــا
تأخذ اللغة قوتها من مكانتها عند أهلها .ولغتنا أخذت قدرها وتشريفها من الله الذي اختارها لغة لأخر الرسالات ولو لم تكن بالقدر الذي تفي بمهام تأدية الرسالة لاختار الله لغة غيرها . كيف تحتل قدرا من اهتمامنا دون أن نوسع لها قدرا تستحقه في قلوبنا فإن كان الحب صانع المستحيلات فبالحب نعود باللغة إلى مكانتها التي لم تهتز إلا عند من ترك جمالها نسي قول الوليد بن المغيرة [ إن له لحلاوة وإن عليه لطلاوة وإنه لمثمر أعلاه مغدق أسفله وإنه ليعلو وما يعلى .. .. ]
وجب علينا تعظيم الله و من تعظيمه تعظيم كتابه ومن تعظيم كتابه الاهتمام والاستمتاع بلغته واستخدامها لسانا عربيا مبين . إنها اللغة التي أفحمت الخطباء وأخرست الفصحاء وأسكتت الشعراء .
شكرا أبى لمى مقالتك جميلة حملتها بالفوائد وزينتها بالقلائد فالعربية هوًية الإنسان والعربية عطر الإسلام الذي فاح شذاه في كل مكان . ويجب أن نتواصى على تعهدها بالري والبذور ونختار كلماتها لسانا في حديثنا
اختارت اليونسكو لها يوما ويجب أن نتبنى تعلمها وتعليمها كل يوم

حلم رمادي

ربما نستيقظ ..
ربما ينطفيء ذاك الوهج والتفاخر بغيرها يوماً ماً ..
ربما نصبح أمةً ترفع ضادها عالياً ليس شعاراً فقط !
ربما في يومها السنوي ذاك تدق في العالم أجمع
أجراساً لا يتوقف صداها ..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *