همسة لزملاء المهنة ..

استوقفتني أخبار وكتابات في مدارسنا من أعمال وأنشطة تُقام طوال العام ، وهذا أمرٌ جيد يشكرون عليه، ولكن لا نرى مردودًا علميًا ولا معرفيًا ولا أثرًا على سلوك طلابنا ، لا يوجد توضيح للأعمال التي يستفاد منها في الحفلات والبهرجة التي نشاهدها وتظهر الكيكات والزبرقة التي ليس لها علاقة بتربية أو تعليم ، وهذه الأعمال يقوم بها المعلم أو المعلمة أو فريق من المعلمين والمعلمات لا يستفيد منها الطلاب إطلاقًا.

مما دعاني لأن أتساءل عن البرامج التي قرأت عنها مثل برنامج ( فطن ) و ( فينا خير ) و ( كن قدوة ) ، هذه البرامج إذا لم تؤثر على سلوك أبنائنا وبناتنا فهي لم تحقق الهدف منها إذا رأينا العبث في اللوحات الإرشادية بالطرق العامة ، وإذا رأينا الكتب المدرسية ممزقة أمام بوابات المدارس بعد انتهاء الاختبارات ، وإذا شاهدنا التفحيط في الشوارع العامة ، والتلفظ بالكلمات البذيئة – أكرمكم الله – في الملاعب والأسواق بين الشباب ، ناهيك عن المناظر الشخصية في الملابس والقصات الغريبة تقليدًا أعمى حتى الأغاني الغربية التى يسمعوها ولا يعرفوا ماذا تعني !! أين تاثير البرامج التي ننفذها في مدارسنا ؟؟!!

إخواني وأخواتي في ميدان التعليم إقامة الحفلات وتحضير الأطعمة والكيكات وزينة الفصول إن لم تُزيّن العقول وتحقق المأمول فهي فضول .

أعزائي .. العمل في أي قطاع عقد أنت اخترته لنفسك فلا ترائي فيه أحدًا ، واجعل رقيبك هو الله وهو معينك والتزم بقول الله تعالى : ﴿ يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود ﴾ .

زملائي وزميلاتي من واقع التجربة هناك أعمال حبذا لو تطبق ببساطة في الأنشطة اللاصفية حيث تساعد الطلاب على التفكير وتنمي ملكاتهم وتمارس بالتنفيذ اليدوي لأعمال لا يمكن الاستغناء عنها في الحياة اليومية.

صدقوني .. إن أبناؤنا كلهم عباقرة لا أستثني منهم أحدًا ، وكل له إبداعٌ مختلف لابد أن نراعي ميولهم ونتطلع إلى طموحاتهم .. لا نتمنى أن يكونوا بل نساعدهم كيف يكونوا.

فمثلًا: إذا أردت أن يكون ابني طبيبًا وأنت تريد ابنك مهندسًا … إلخ ، صدقوني لن ينجح ويبدع إلا في ميوله ورغبته هو.

ومثالًا للأنشطة التى يوجه إليها طلابنا : اطرح سؤالًا على الطلاب كيف يصل الماء إلينا داخل المنزل؟! .. هل نستطيع عمل نموذج لتمديدات الماء داخل المنزل ؟ .. هل يمكننا تحضير المستلزمات؟ وتنفيذ مشروع سباكة يشترك فيه عدد كبير من الطلاب ؟

هذا المشروع بعد الانتهاء منه يرسخ في أذهان الطلاب حب العمل والتفكير في أعمال مماثلة وتكتشف قدرات جديدة بين الطلاب لم تكن تتوقعها.

كذلك مشروع تمديدات كهربائية لا أقول تعرضهم للكهرباء والخطر بل تنفذ ببطاريات ( حجر أو بطارية سيارة ) يتعلم من خلالها توزيع التيار الكهربائي داخل المنزل ، مع التنبيه إلى أدوات السلامة من المخاطر، وغيرها الكثير من المشاريع .

أيضًا تطبيق دروسًا عملية على الواقع في الرياضيات .. مثلا معرفة الأطوال المتر والكيلو متر .. خذالطلاب في سيارتك .. ابدأ من نقطة معلومة ضع العداد على صفر وابدأ التحرك واتركهم يراقبون العداد حتى يصل إلى ١٠٠٠ م ومنها يتبين لهم مسافة الكيلو وأجزائه، هذه الدروس العملية ترسخ في العقول وأقسم أن الطالب لن ينساها.

كأي شخص يتعلم قيادة السيارة لا ينساها، هل لو قرأها نظريًا يتعلم ؟!!

معظم المواد يمكن تطبيقها عمليًا، كالوضوء للصلاة .. وأركان الصلاة وغيرها .. الأمور تحتاج إلى تفكير و القراءة النظرية فقط ليست مجدية.

المعلم أو أي موظف في عمل ما وضع عهدًا بينه وبين صاحب العمل بعدم الإخلال بشروط عمله، وعمل المعلم يترتب عليه تربية أجيال سيصبح منهم معلمًا وطبيبًا وقاضيًا ومهندسًا وجنديًا ، كل هؤلاء لخدمة الدين والمليك والوطن .. فالمعلم المخلص يرتقى ويكبر في عيون أولئك وعندما يرونه يشعرون بالراحة ويدعون له .. ولا ينسى الأجر والمثوبة من الله جل وعلا.

 

عبدالمحسن الشيخ

مقالات سابقة للكاتب

5 تعليق على “همسة لزملاء المهنة ..

ابراهيم يحيى ابو ليلى

حقا قلت ابا عبدالعزيز فلو كل معلم طبق بعض مادتة النظرية تطبيقا عمليا ان امكن لكان ابنائنا ربما يحسنون ولو القدر اليسير من بعض المهن فليس عيبا ان يقوم الانسان بأصلاح بعض المقتنيات بنفسه او على الاقل العلم بالشيء خير من الجهل به ..حقيقة مقال غاية في الاهمية بل وفيه فوائد جمه لو امعنا فيه الفكر المجرد …. تحياتي لقلمك الثر اخي الاستاذ عبدالمحسن كتب الله لك الاجر والمثوبة..

النادرة

الله الله عليك ..كلام في الصميم
الارتقاء بالعقول …فعلا هذا مانحتاجه ..
جزاك الله خير ع الطرح الرائع ونتمنى الاستفادة منه ..

محمد الرايقي

نشكرك أستاذنا عبدالمحسن على ماكتبت
فعلا التدريب والتطبيق أساسي في فهم المحتوى
نتمنى من الوزارة تبني مثل هذه الافكار

حلم رمادي

لا زلت حقاً أتساءل لمَ يكره الطلاب المدارس ؟
لمَ هذا الهذيان المزعج بحق التعليم وهو أسمى غايات البشرية أجمع ؟
لمَ لازلنا نأخذ سلوك الطالب المصري المجد مثالاً للسخرية والضحك ؟!
وعلى العلم بأنهم أفضل منا حباً وطلباً للعلم ؟!
لمَ اللامبالاة حتى بالنسب وأكثر حلم الكثير النجاح بأي نسبة وحتى بأي طريقة ؟!
لمَ لايوجد شغف طلب العلم وسهر الليالي ؟!
لمَ حياة الكثير لاتقتصر سوى على الأكل والسفر والحياة الصاخبة بل وأصبحت هي أحلامهم بعيداً عن التعليم والشهادة العالية والمخزون الثقافي الواسع ؟!
لمَ طلابنا حتى بالجامعات يكرهون القراءة وإمساك الكتب ولو سألتهم بأبسط الثقافات سواء الدينية أو التاريخية أو الإجتماعية لانجد جواباً ؟!
الكثير غمرتهم التقنية والحضارة وأصبحت لاتفارق أيديهم كيف وصلنا للتقنية اليوم لولا العلم والتعليم ؟!!

للأسف حال الكثير مزري جداً ومخجل ولا أنكر الفئة الناجحة المثابرة لكني أتمنى نخرج جيلاً يحب العلم والتعليم شغفاً وهواية بعيداً عن تفاهات الحياة وسخافتها ! وهي مسؤولية كل أم وأب منذ الصغر .

أحمد مهنا

هذا فكر التربوي المجرب العارف، هذه خبرات قيمة،
لقد قلت أخي ما أتمنى أن يقرأه كل قائد مدرسة وكل رائد نشاط، ولن نتخلص من مثل ماذكرت ويكون التحول إلى أنشطة بناءة للقيم متيحة لبروز المواهب داعمة للابداعات ، مساندة للمنهج -من وجهة نظري- إلا بخطة تضعها الوزارة أو الادارة العامة للتعليم تكون إطارا عاما للأنشطة وتأهيل رواد النشاط ومن يكلفون به في المدارس وخاصة في مدارس البنات فالأنشطة تحظى بتوجه أكثر لديهم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *