لا أعلم بمايجب تسمية ما أود أن أقوله ولكن سأطرح له اسماً مختصراً وسأطلق له مصطلح (Makislav) ، أي صنع الاستعباد Making slavery .
عندما يصنع الانسان بيديه مايعبده أي مايهتم به كثيراً لدرجة أن يقوم بتغيير حياته كما فعل الكثير من حول العالم ، فهذه من الأمور المؤرقة التي تراها فيما حولك ، ولا ينتهي الأمر بالاهتمام أو الاهتمام الزائد بل لجعل الضحيه يسخر حياته من أجل هذه الأمور ، أنا على يقين بأن هنالك رأي مؤثر من علماء النفس في ذلك ، جل ماترى من لايقع في ذلك ولايبدي له أكثر من حجمه .
صنع الاستعباد الآن في التقدم الحضاري مانحن نستوطنه في الكثير من الأمور من التقنية والأجهزة والألعاب الرياضية والمشاعر الحديثة المزيفة التي جاءت جراء ماقدمنا على صنعه ، وهي التي جعلتنا نختل عن توازننا البشري وعلاقتنا بين الرب وبين الآخرين ، فهكذا عندما نعطي مانصنع ونكتشفه فوق حجمه لكي يدخلنا داخل تلك القوقعة التي تبعدنا عن ذلك التوازن ، ولنرى كيف يستخدم الآخرين هذه الطاقة إلى صالحهم التجاري على الصعيد الشخصي بشكل خاص .. هوس أصبح يصنع بأيدينا .
في بداية الأمر إن الكثير كما نرى يتلذذ بمشاهدة الرياضة مثل كرة القدم التي أصبحت تجمع وتعنصر وتعرف وتفرق وتحدد مصير الكثير في حياة المتعنصرين فيها ، وفي تحديد مشاعرهم اليومية وأعتقد أن في ذلك ارتباط نفسي كبير بين المتعنصر وناديه المفضل الذي لا أعلم ماهو النادي إن كان من لاعبين متغيرين وإدارة متغيرة ويبقى الاسم فقط فهل أحبوا ذلك الاسم وجعلوا كل مايخصه رأي عام وأحداث ضجيج وتحديد هويات مماحولهم من البشر ودفع مليارات الريالات وتعظيم الأمر جداً ، وفي نهاية المطاف لايستفيد من ذلك إلا اللاعب والادارة مما يتلقونه من شهرة ورواتب وأموال وهدايا ومعجبين .. هم محققين لأهدافهم والجماهير من يساعدوهم بذلك، فهل أنت كجماهيري لك أهداف بذلك أم أنك مجرد شخص تراه النوادي شكلية جماهيرية تحقق الأهداف منك ؟ هنا يجعل من الصنع استعباد ، مجردطاقة مبدده في غير مكانها.
آثار التقنية الموجودة الآن بيننا والتي جعلت من الناس داخل تلك القوقعة الالكترونية وفصلتهم عن مما في الحياة من يوميات وواجبات مهمة يجب أن يقوموا بها في الأصل كبشر ، فلا تتعجب عندما ترى شاب متعلق تعلق شديد بالتقنية ويجعل من منزله وسريره كمعرض لآثارها ، ويقدسها جداً ومنتظراً لآخر البرامج ويدفع أموال طائلة لها وربما تكون تلك البرامج غير مفيدة له ، ولكن يحب أن يمتلكها ( حب امتلاك ) يقيد نفسيته وشخصيته بذلك إن كان سيشعر بالرضاء أم لا في يومه !
بل ربما يكون له اسم وسط جمع محبين التقنية بأنه أقواهم وأغرقهم بحيث أنه لايطمئن إن لم يشتري جميع البرامج وبرمجتها ، وكونه متابع أول لآخر التطورات بعالم التقنية وهو أرقاهم في القمة ، ويعاني إدمان الشبكه العنكبوتية ، ويعيش أياماً داخل غرفته ويتفاخر بذلك ، وتجد من هؤلاء الكثير ومن مدمنين الألعاب الالكترونية .. هنا جعل من الصنع استعباد.
وهنالك الكثير من تلك الأمثلة من محبين الموضة ومحبين المنتجات بكافة أنواعها ، الكثير من الأمور التي تستوطن البشر بيننا ، عندما نعطي تلك الأمور التي اخترعت لاستخدام شئ معين فوق حجمها حتى أصبحت هاجساً ، بل إن بعض المنتجين والمخترعين يحولون منتجاتهم إلى هوس بين الشباب بأي طريقه لكي يصنعوا جيوش الاستعباد لشركاتهم كما نرى في بعض الاعلانات التي تراها تعطيك فكرة بأن يومك سيصبح رائعاً وكل من حولك سيحبك وستكون ذو ذوق ناصع بمجرد أنك تتناول هذا المنتج أو تقتنيه ! فمنذ متى والجبنة أو قطعة من شوكلا تجعلك تطير أو تجمع عائلتك في مائدة واحدة ، يعلقون المنتج بك ( روحيا ) وبحياتك كشىء مرتبط بشخصيتك ويعرف عنها لكي تجعل من الصنع استعباد لك بيديك .
قال الراغب الاصفهاني الذي اختلف الكثير بمذهبه : “الأفعال الجميلة والقبيحة يقوى الانسان فيها بتكرارها مرات كثيرة وزماناً طويلاً ووقتاً بعد وقت فإن فعل ذلك في شئ إعتاده ، وإن إعتاده تخلق به”.
ينقصنا في ذلك العيش بوعي بكل شئ يخبئ تحت أفعالنا وفيما نقدم من الأسباب ، والقيم ،والأهداف ، وهذه تعتبر من المؤثرات البيئية والتربوية ونحن من أسباب مايعيشه من حولنا من الأبناء والأقربون في هذا الاستعباد والهوس بعدم تقديم الوعي الكافي لهم؛ خصوصاً بعدما أصبح يتم التحكم بهوس الشباب لتجيشهم لمآرب شخصية ودمك سيطرة في عقولهم كصنع للاستعباد بأشياء يختلقها البشر بأنفسهم .
مروان إبراهيم المحمدي
مقالات سابقة للكاتب