مررت قبل عدة أيام ( مصادفةً ) بجوار مبنى نادي غران ، فإذا به كالبيت المهجور بعد أن تركه أهله ورحلوا عنه .. وحقيقة فقد أحزنني مارأيت ، فمن يتخيل أن هذا الصرح يؤول حاله إلى ما آل إليه اليوم بعد أن كان ذات يوم ذائع الصيت على مستوى المحافظة بل تجاوزها إلى جدة ومكة.
ولم يكن نادياً رياضياً فحسب بل كان منبراً ثقافياً واجتماعياً أيضاً … من منا ينسى تلك المسرحيات التي كان ينظمها ويشهدها المئات ولايزال البعض يحتفظ بنسخة مسجلة منها .. ومن منا ينسى المسابقات الرياضية التي تقام على أرضه ويملأ يومها الحضور المدرجات بالحماس والتشجيع وكان الجميع يغبطنا على ذلك النشاط.
إلا أن أهم منجز لذلك النادي من وجهة نظري ونظر الكثيرين ممن ألتقي بهم ونتذكر النادي وأيامه الجميلة ، هو ما أوجده من تعاون وتآلف وتقارب بين جميع أهالي غران في وقت كان هناك جفوة وتباعد بين الشباب ، ولكن النادي جمعهم في بوتقة واحدة ووثق بينهم أواصر المحبة والتآلف حتى غدوا كالأسرة الواحدة ، وكان الجميع يلتقي في مكان واحد ويسعون لهدف واحد ، اللاعب والمدرب والحكم و المعلق والمشجع ورئيس النادي ومجلس إدارته والأعضاء.
كما كان النادي يخرج المواهب في كل المجالات الرياضية والثقافية والإدارية ، بل أنه أوجد ثقافة الانتخابات في وقت لم تكن معروفة في كثير من المؤسسات المجتمعية.
تألق النادي وخطا خطوات حثيثة نحو القمة وكان يحصد النجاح تلو النجاح، وكان قاب قوسين أو أدنى من أن يكون نادياً رسمياً تحت مظلة رعاية الشباب آنذاك ، وفجأة مرض ولم يجد من يعالجه وهرم ولم يجد من يعتني به ثم مات ولم يجد من يصلي عليه.
واليوم بعد أن كان هناك نادياً واحداً يجمع كل أهالي غران ، أصبح لكل حي من أحياء غران ناديًا خاصاً بهم وصار التنافس بين أبناء غران على أشده ، ويُبذل في سبيل ذلك الكثير من المبالغ والجهود التي لو صرفت على نادي غران لما صار حاله إلى ما صار إليه اليوم ( صرحاً خاوياً مسكوناً بالمحترفين والهواة من الجن وأبنائهم ).
ماجد حامد الصحفي
مقالات سابقة للكاتب