القدوة والآداب في الإسلام ..

عندما خلق الله الرحيم خلقه برحمته لم يتركهم هكذا سدى بل لأن رحمته وسعت كل شيء بعث إليهم رسلاً تدلهم عليه وتعلمهم توحيده وعبادته ، وتتالت الرسل على الأمم كلما انقضت حقبة من زمن واحتاج الناس إلى رسول بعد أن عادوا القهقرى بسبب تحكم شياطين الأنس والجن فيهم وأبعدوهم عن جادة الصواب أدركتهم رحمته فأرسل إليهم رسولاً وكانت الرسل تبعث إلى قوم بعينهم ويرسل الرسول منهم ثم لما أراد الله سبحانه وتعالى أن يشمل الثقلين برحمته أرسل اليهم خاتم رسله محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم وقال له ( وما ارسلناك الا كافة للناس بشيرا ونذير) ، فجاء المصطفي صلى الله عليه وسلم ليعلم الناس وليأدبهم فقال لهم ليقتدوا به وليكون لهم فيه أسوة حسنه (إنما بعثت لاتمم مكارم الأخلاق ) وجاهد فيهم ليغير بعض المفاهيم الفاسدة التي عاشوا عليها ردحاً من زمن وليوطد عرى المحبة والسلام بين بني البشر أجمعين ..

نادى فيهم أولاً وقال لهم ( قولوا لا إله الا الله تفلحوا ) وعندما أشهروا التوحيد بدأ يؤدبهم فقال ( لا تؤمنوا حتى تحابوا الا ادلكم على شيئ اذا فعلتموه تحاببتم أفشوا السلام بينكم ) وعلم أمته كل ما هو جميل في الحياة وبعد الممات حتى أدق التفاصيل علمهم إياها ،  لذلك تجد المسلم منذ أن يستيقظ من نومه إلى أن يأوي إلى فراشه يدور مع الاسلام وتعاليمه حيثما دار الأسلام في المأكل والمشرب وإتيان معاشه بل حتى لبسه ثوبه ونعله ، وإتيان أهله ووضع جنبيه على فراشه ورؤيته هلال شهره وتعامله مع كل الناس صغيرهم وكبيرهم ، في بيعه وشرائه وزرعه وتجارته ، وخلاصة القول أن الاسلام دين شامل لكل حياة الأنسان منذ ولادته وحتى دخوله قبره .. أوليس من الأجدر أن يتخذ الناس كافة من هذا الدين منهجاً ودستور حياة ويتخذوا نبيه قدوة لهم لأنه دلهم على طريق النجاة ؟..

لهذا كله أمرنا أن نتخذ القدوة الصالحة التي تدلنا على كل ماهو خير لنا في عاجل أمرنا وآجله وأن نكون نحن أنفسنا قدوة صالحة للمحيطين بنا من أبناء وزوجات وأقارب بل كل من لنا علاقة به من قريب أو بعيد ، وأن يتخذ كل منا القدوة الصالحة .. هنا تستقيم الحياة وتسير على نحو ما أرادها لنا وأرادنا لها ربنا العالم بما يصلح شأننا ولما خلقنا لأجله ، وكيف لا ورسولنا هو قرآن يمشي على الأرض فكيف نترك هديه ونتجه إلى غيره فنهلك أنفسنا ونهلك من نعول وما نحن مؤتمنين عليهم وعندما يتخذ المجتمع برمته ولاة الأمر والرعية القدوة الحسنة ويتواصون بها ويحث بعضهم بعضاً على ذلك فاعلم أنه على الطريق الصحيح بأذن الله تعالى وأن الله لن يضيع جهدهم وعملهم المبارك هذا ..

وتكفي المرء موعظة حين يتأمل مصير كل من اتخذ الفاسدين والمفسدين والضالين منذ فجر التاريخ من النمورد بن كنعان مروراً بفرعون وهامان ومن لف لفهم من الطغاة الفاسدين الذين يصدون الناس عن رؤية الحق ويدلسون عليهم ويتخذونهم أداة لتمرير باطلهم في كل عصر وفي كل مصر ، فماذا كانت النتيجة ؟ .. كانت أن حشرهم الله جميعاً التابعين والمتبوعين إلى مصير واحد وأخذ كل منهم يتبرأ من صاحبه ويلعن بعضهم بعضاً ويرمون بعضهم بعضاً بالضلال ويبدون أشد الندم حين لا ينفع الندم ، وفي المقابل انظروا إلى من اتخذ النبيين والصديقين والصالحين من عباد الله قدوة كيف كان مصيرهم وخاتمة أمرهم ونعمة الخاتمة والمصير أن يشكر بعضهم بعضاً ويحمدوا الله أن هداهم وقيض لهم رؤساء وزعماء هادين مهتدين ، هذه هي القدوة التي يجب أن يتمسك الانسان بها لينجو .. 

القدوة شيء مهم وعمل مبارك إذا كانت تواصي بالخير والحق والصبر وتعاون على بر وتقوى ، فعلى الشباب أن يحسن اختيار الجلساء والأصفياء والأخلاء لأنهم سيكونون قدوة لبعضهم ، فقد قال الله جل ذكره ( الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو الا المتقين) ، وأخيراً فقد أمرنا الله تعالى باتخاذ النبي صلى الله عليه وسلم أسوة وقدوة حسنة فقال ( لقد كان لكم في رسول الله اسوة حسنة لمن كان يرجوا الله واليوم الآخر ) .

نفعنا الله بما نقول ونسمع ونقرأ وأن يجمع علينا شملنا وأن يجعلنا هادين مهتدين .

 

ابراهيم يحيى أبو ليلى 

مقالات سابقة للكاتب

3 تعليق على “القدوة والآداب في الإسلام ..

ابراهيم مهنا

شكرا أخي وجزاك الله خيرا
فعلا محل تأمل فما أكثر المقتدين بأهل الظلال رغم اتضاح مآلهم
إلا أن تلبيس إبليس عليهم غلب ، نسأل الله العفو عنا جميعا.
ومن تأمل عاقبة المتقين وقلة الأتباع يزداد عجبا
فلله الحكمة البالغة ولو شاء لهدى الناس جميعا .
…… ألا إن سلعة الله غالية……
إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم ..
اللهم ألهمنا رشدنا
شكرا أبا ليلى

عبدالمحسن

رائع كالعادة … شكرا أبا ليلى.

عدنان هوساوي

للتو استطعت قراءة مقالك المعنون
( بالقدوة والآداب في الإسلام )
لا لشيء الا لأن النت لم يسعفني في فتح الرابط
عموما اخي ابوليلی لقد استمتعت وانا اتبحر في مقالك هذا واستشعر معه عظمة اعظم قدوة في تاريخ البشرية علی الاطلاق واتحسر في الوقت ذاته وانا اری بأمي عيناي وقد اتخذ ابنائنا قدوات هم اقل شأنا من الكلمة نفسه
سيدي بوركت وبورك قلمك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *