الحاسة العقلية من العجائب التي تتسم في زمرة من البشر حاملي ألسنة الزراف ..
لسان رشيق طويل ملتوي يرتكز على عقل الماسي هواوي غيبي في الأمور التي لاتنبع من عقل بشري طبيعي ، في نواحي عالم الافتاء وفي طريقه يفترش كل من ‘ يعلم مالا يعلم ‘ وفي رصيف هذه النواحي أصبحت عبارة ‘ لا أعلم ‘ مركونه في كراج الكثير من المجتمعات .
ومما ألاحظ في الطبائع البشرية داخل الكيان العقلي لدى ‘ البعض ‘ من المجتمع ‘عدم ترك جواب فارغ لإحدى التساؤلات ‘ ، ليس في أوراق الامتحانات بل في الاستفسار التي تشل جذور الحديث ويوقف أطرافه ويصبح في دوامة حتى يعلق الإجابة إلى أي إفتاء قريب من عقله متهرباً من أن يعلق الإجابة بعبارة “الله ورسوله أعلم” ولن يبحث عن الإجابة حتى للأسف بل يترك هواه وحاسته العقلية الجديدة تفتعل علم ونظرية جديدة فقط لكي لا يقول ‘ لا أعلم ‘.
من مسببات تكاثر هذه الآفة هي الوسائل الحديثة التي أتاحت المنابر لكل حامل هاتف وأصبح يبدي آرائه في مواقع التواصل الاجتماعي سياسيا وأدبياً ودينياً ، وانسكب حديث التزييف في منظومات الحقائق وذلك يبدي إنطباع كبير فيما يصل إلينا من شائعات والاستماع إلى أبناء مسيلمة الكذاب والمفتين ذا ألسنة الزراف ، حتى نضجت ثمارهم في بعض العقول المراد تلويثها وإن خاطبتها بالعلم والدلائل تنكر وحتى إن طلب منها التحقق من المصادر المعتمدة تطير إلى هاويه تقيه من التغير عن آرائه ‘ فمن أراد شيئاً هيأ لنفسه أنه الحقيقة ‘.
كم من نقاشات ومواجهات لم يتفق فيها الطرفين على الحق وإن عرف مالك الظلام بطريق النور فيها فلا يفصح عن خطئه ، يظل متمسكاً برأيه تحت مخاوف عدة ومنها أن ينقص من قدره أمام من كان وأن تنتزع الثقة منه … إلخ، فلسانه لسان زراف لا لسان بشري عادي حتى يرتسم بالصراط المستقيم ويصدع بالحق بعد الظلام ، لك أن تتصور المذاهب والآراء والاختلافات الكبيرة والتعب رغم أن طريق الحق واحد ولا يقبل القسمة على أي مبررات تحاول زياغة العقول عن الصراط المستقيم .
هنالك أمور تتعدد فيها الأذواق واختلاف الآراء بها ولا يدل ذلك عن الانحدار من الحق ، وعندما يصل الأمر إلى أمور ترتسم بها حقائق علمية تجد ذلك الغشاء وإلتواء لسان الزرافة محدثاً صيحة جديدة بغرائب مفتعلة ، حتى في أبسط الأمور وفي خلال المحادثات اليومية البسيطة تجد هذا الترسخ في المجتمعات ..
إظهار صورة الكبير أمام الصغير أو الأب بالمفهومية الكاملة أمام الأبناء والمعلم وطلابه والمدير وموظفيه والمثقف ومن حوله الكثير ، فمنهم يعتقد أن هنالك عيباً في كلمة لا أعلم ، ‘ليس عيباً أن لا تعلم بل العيب أن تستمر في مكوثك لا تعلم ‘ ، هل نبث ثقافة ‘ لا أعلم لكن سأبحث ‘ لأبنائنا وموظفينا ولمن حولنا والأمور الدينية والسياسية والحديث عن المجتمع لكي نكبت الظلم أم نظل في دائرة الافتاء ونلعق الأحدايث بلسان الزرافة البشري ويتكون للأجيال القادمة تاريح محمل بأساطير وهمية.
مروان المحمدي
مقالات سابقة للكاتب