” الأولاد أزعجونا ما خلونا نصلي، كل واحد يجيب ولده جنبه يصلي”، بهذه الكلمات صرخ أحدهم من الصفوف الأخيرة وهو يتميز غيضاً من إزعاج الأطفال ولهوهم داخل المسجد، وهو ما شجع آخرين برفع أصواتهم مستنكرين فوضى الأطفال وذهابهم لخشوعهم في صلاة التراويح، ولم يقطع حالة الصخب بين جموع المصلين إلا صوت الإمام بتكبيرة الإحرام.
تجمع الأطفال حول بيوت الله وقت صلاة التراويح واللعب بداخلها أصبح ظاهرة مصاحبة للشهر الفضيل، يكاد لا يخلو مسجد منها، ولكن بنسب متفاوتة، حيث القاسم المشترك بينها هو امتهان هيبة المكان وعدم الإكتراث بعباد الرحمان، والرسول ﷺ أخبرنا أن المساجد دور عبادة، للذكر والتلاوة والصلاة، ” إن هذه المساجد لا تصلح لشيء من هذا البول والقذر إنما هي لذكر الله عز وجل والصلاة وقراءة القرآن” رواه مسلم.
الغريب في الأمر، أن ما يحدثه الأطفال من فوضى تتخطى حاجز الضوضاء والتشويش على المصلين لتصل إلى العبث بمقتنيات المسجد من دورات مياه وإنارة وأجهزة تكييف وغيرها لا يستدعي اهتمام المصلين المتأخرين ويستوقفهم لكف أذى هؤلاء الصبية، ولعلنا نلتمس لهم العذر، ففي تجارب من سبقهم عبرة، أما من استجمع قواه وتحلى برباطة الجأش وقدم لهم النصح والإرشاد فإنه يكون على استحياء لا يسلم من الإستهزاء، وإن حاول أن يرفع عقيرته معاتباً طفلاً، جاءه صوت غليظ ” ماشفت إلا ولدي؟!!! “، أو غيرها من العبارات التي تحمل ذات السياق.
ولتوخي السلامة في القول، والخروج عن لغة التعميم فليس كل الأطفال وآبائهم على هذه الشاكلة، ولكن الحديث منصب على أولئك الذين يُذهِبون خشوع المصلين بتحويل مؤخرة المسجد لصالة ألعاب ومضمار للجري بعيداً عن أنظار أهلهم، الذين لم يحرصوا على متابعة أبنائهم، بل أطلقوا العنان لهم للعب واللهو في جنبات المسجد دون مراعاة لحرمة المكان والزمان.
اصطحاب الأطفال إلى المساجد وذهابهم لوحدهم إليها لا غضاضة فيه، فالمساجد محضن تربوي يتلقى فيه الناشئة ماينفعهم في دينهم ودنياهم، وقد جاء في فتاوى اللجنة الدائمة ما يُستنار به في مسألة إحضار الأطفال للمساجد، ولو التزمنا به لكان فيه خير كثير، حيث قالت: إذا كان الطفل مميزاً شرع إحضاره إلى المسجد ليعتاد الصلاة مع جماعة المسلمين، وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين، واضربوهم عليها وهم أبناء عشر سنين، وفرقوا بينهم في المضاجع. أما إذا كان الطفل غير مميز فالأفضل ألا يحضر إلى المسجد لأنه لا يعقل الصلاة ولا معنى الجماعة، ولما قد يسببه من الأذى للمصلين.
بقي في الختام أن أشير إلى الجهة الرسمية المُناط إليها التعامل مع هذه الحالات، وهي وزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد ممثلةً في مراقبي المساجد، إذ يمكن اللجوء إليهم متى ما استعصت الحلول الأخرى.
سامح عبدالرحيم الصحفي
مقالات سابقة للكاتب