تمهيد
عندما نريد الحيث عن منطقة عسفان فإنك تقف حائرًا من أين تبدأ، لغزارة المعلومات والسجل التاريخي الحافل بالمنجزات والإنجازات، ليس اليوم فقط؛ بل حتى عصر قبل الإسلام وأيام قوافل قريش في رحلتي الشتاء والصيف، وحيث إن الحديث هنا ليس مركزًا للحديث عن عسفان والتي تحتاج إلى مقالات وكتب حتى نوفيها حقها، ولكن سنشير إشارة سريعة إلى تاريخ عسفان ثم ننتقل إلى الحدث الراهن الذي هو محور حديثنا؛ ألا وهو بطولة عسفان الرياضية الأولى.
فبادئ ذي بدء تُعتبر مدينة عسفان نقطة استراحة مهمّة على طريق الأراضي المقدّسة، حيث تمر بها قوافل القاصدين للحرمين الشريفين مكة والمدينة ذهابا وإيابًا، خاصّة للآتين عبر النقل البرّي.
وذُكر في التاريخ أنّه قد مرّ من هذه المدينة عدد كبير من الأنبياء والصّالحين والرسل، منهم النبي صالح عليه السلام، والنبي هود عليه السلام، وأيضاً النبي إبراهيم عليه السلام، وخاتم الأنبياء النبي محمد صلى الله عليه وسلّم، ويُذكر أيضاً بأنّ صلاة الخوف قد شرّعت لأوّل مرّة بهذه المدينة في الغزوة التي تُعرف باسمها.
وكانت تمرّ بها قديماً القوافل التجاريّة الآتية من قريش، فشكّلت عسفان استراحة للمسافرين، الذين يعبرون من بلاد الشّام إلى اليمن أو العكس، أو لزيارتهم للمدينة المنوّرة، وهذا ما جعل لها مكانةً مهمّة على هذه الطريق وصيتاً ذائعاً، إذ كانت توفّر كامل الخدمات التي يحتاجها المسافرون والمعتمرون والحجّاج، وأيضاً العابرون.
كانت عسفان أرضاً لكلّ المدن المجاورة كمدينة خليص وغران، ومدينة الكامل، وأيضاً مدينة مدركة، حيث يأتي تجّارهم حاملين على جمالهم منتجاتهم المتنوّعة، إن كانت من خيرات الأراضي كالحبوب والتمر، أو المواشي، وما استخرجوه من عسل وسمن، إضافة إلى الأخشاب، وبالتّالي كانت أيضاً مكاناً لهم لابتياعهم كلّ ما يحتاجونه في مدنهم من أكل وكساء.
ومرت الأيام بين ازدهار وانحدار إلى أن وصلت للعهد الزاهر حاليًا، وانتعشت من جديد، وانتفض أهلها لمواكبة التطور، ووضعوا أيديهم في أيدي المسؤولين المخلصين للدفع والسير قدما بعجلة تنمية المنطقة الحديثة والتي بدأت فعليا في عهد الأخ فيصل المخلص اليامي، رئيس البلدية السابق، والذي وجه بوصلة التطوير إلى وجهتها الصحيحة، وأسس للكثير من المشاريع التنموية والتي اكتمل بعضها ولم يكتمل الآخر، وبعد انتقاله إلى محافظة الجموم وجاء مكانه المهندس عمر العصيمي، ليكون بمثابة حامل راية التجديد والاستمرار في التطوير، مكملا مشاريع بدأت، ومبتدئًا لمشاريع جديدة.
البطولة الرياضية
بطولة عسفان الأولى لكرة القدم والمقامة حاليًا على ملعب عسفان الرياضي، والتي انطلقت في يوم الجمعة 5 /11 / 1438هـ، تعتبر أول بطولة من نوعها في المنطقة عمومًا تقام على منشأة رياضية وهي من المشاريع الحيوية فيها.
كانت بدايتها فكرة من شباب المنطقة خاطبوا بها الجهات الرسمية قبل شهر أو يزيد من انطلاقة البطولة، وجاءت الموافقة من هيئة الرياضة بعد تيقنها من توفر المؤهلات اللازمة لذلك تنظيما وإشرافًا، وقد بذل مجموعة من أبناء المنطقة جهودًا جبارة وفي مقدمتهم الشيخ مشعل بن عبد المجيد بن حمادي حتى اكتمل هذا المشروع.
وقد تشرفت بالحضور والمشاركة وشاهدت من الإنجازات ما يثلج الصدر، ومن التفاعل والحماس ما يرفع المعنوية، ويزيد من سقف الطموحات نحو تحقيق المزيد والأفضل بإذن الله.
وقد شاهدت ولفت انتباهي شعلة النشاط من رئيس لجنة التنظيم الرائد بندر علي البشري، ونائبه المهندس أحمد حمدان البشري، وكل أعضاء اللجان الأخرى الفنية والتنسيقية والإعلامية، ولوحظ كذلك تميز بعض الشباب من أعضاء اللجنة الإعلامية مثل تركي صالح نويعم البشري في التصوير، والمهندس صالح عبد الله عيفان البشري في لقاءات وسائل التواصل الاجتماعي التفاعلية، حيث يتنقلون بين الضيوف والمسؤولين لأخذ آرائهم وانطباعاتهم بهدف الحصول على كل رأي جديد ومفيد، من أجل تطوير ما هو قادم بإذن الله، ليليق بمستوى منطقة عسفان وأهلها، والملفت للنظر الحضور من كل المناطق المجاورة، وهذا دليل على أن المكان واحد، والإنجاز واحد، والاسم واحد، فهي منطقة الجميع، عسفان رقعة من هذا الوطن تتسع لكل أبنائه.
وقد سررت كثيرًا بالتغطية الإعلامية الاحترافية من صحيفة «غران الإلكترونية» بقيادة الإعلامي القدير الأستاذ أحمد عناية الله الصحفي، حيث كانت تغطية مباشرة خطوة بخطوة وسبقًا إعلاميًا متفردًا، فشكرًا لكل العاملين فيها.
وسرني كثيرًا ما رأيته من تعاون لشباب المنطقة في التنظيم وأمور الضيافة والاستقبال، وكذلك مشاركة الكثير من كبار المنطقة ومثقفيها ووجهائها وأدبائها وشعرائها، وهذا ينم ويدل على الوعي والأهمية لمثل هذه المشاريع والفعاليات.
وختامًا؛ لقد كنت سعيدًا جدًا بما أبلغني به رئيس البلدية المهندس عمر العصيمي، أن لدى البلدية العديد من المشاريع التطويرية والخدمية التي ستنهض بالمنطقة وتجعلها دائمًا في المقدمة بإذن الله، وأن المنشآت الرياضية في عسفان سيتم توسيعها كمًا وكيفًا، فله مني باسم أهل المنطقة جميعًا كل الشكر والتقدير، وكلنا يدًا واحدة نحو ما يفيد ديننا أولًا، ويحفظ شبابنا ويستثمر أوقاته، ونحو كل ماي طور منطقتنا، ويساند دولتنا في تحقيق أهدافها، وتحقيق رؤيتها الصحيحة بإذن الله، والله ولي التوفيق.
د. حمد حمدان البشري
مقالات سابقة للكاتب