البخت أو الحظ دخيلان لاثبوت لهما في المواقف ، فما يفقده المرء يصبح طامة له ويذهب لنصيب غيره الذي يعتبره حظ هذا الغير ، إذا الأمر لايُحكم عليه بكون حركته المتغيرة المشابهة لليانصيب بل في موقع الطرف من الأمر ، وهذا الموقع مايتيح للفرد إن كان يطلق عليه طامة أو حظ .. الحظ وما أدراك ما الحظ !
هذا الذي فيه جفاء وقسوة نوجهها للرب سبحانه عال شأنه عندما ننطق باسم الحظ ، قال قائل : إن الحظ هو أن تكون الأمور في صالحك بلون متجاذب نحوك بشكل مريب وليدة اللحظة والصدفة ، وعندما نتحدث عن ماهية هذه الأشياء المتناسقة بشكل مريب نعلقها في لباس الحظ ، فهل من المعقول أن تتم هذه الأمور بالصدفة ، وبشكل عام هل يحدث شئ في هذا الكون من باب الصدفة ؟
أم سنخوض ونطرق أبواب اللاشعور وخوارقة وقانون الجذب كما تبوح به كتب علماء النفس والاجتماع وفي الواقع هدمها يسير فمنبعها ميتافيزيقي وتتلون بصور أخرى مسهبة مزوقة فقط لا أكثر ، أم سنقول أن هنالك رب مجيب قادر ! رب ينطق بكن فيكون !
(( ألم تر ))
ذُكرت هاتين الكلمتين في مواضع عدة في القرآن الكريم ومقصودها رؤية التأمل والتفكر لا الرؤية العادية التي ترى بها جهاز الجوال الذي أمامك أخي القارئ ، بل هي دعوة للتأمل والتفكر كما تعلم ..
ألم ير راهب الحظ وواعظه ، كيف تناسقت هذه الأشياء وأتت مطيعة مأمورة مهطعة راضخة له ! ، فهل أتى ذلك من باب الصدفة ، أي عقل يحملون أم نلقي بكل أمر نعاق في معرفته تمام المعرفة داخل منطق لا مواني راسية له ؟! ..
إنها عطايا الرب ، فلا ريب أن خلف ما ُيدعى حظ أسرار وهي إرادة الله ومشيئته التي وضعت هذه المنايا لك بهذا الشكل الواضح أمام البصير والضرير .. إن الأمور أتت مأمورة مسيرة أمامك ، فهل سنشكر الرب على عطاياه أم نقول أنها من عطايا الحظ !
هنالك الكثير من المبررات التي لا مبرر لها .. إن تأملنا شخصان يتعاصران في أمر وبذلا جهد متساوي فيه فنجح أولهما وسقط الآخر ، الناجح سيشكر جهوده ويعلن أنها من أسرار النجاح ، بينما الآخر سيلقي اللوم على الحظ أو العين ، فكلما أتت مصيبة لقوم علقوها بالعين لكي يجدون مبرر لضعفهم وانهزامهم وتقبلهم للأحداث السيئة التي وقعوا فيها ، ومن الخيبة كذلك أن نرجع ونجلد ذوات أنفسنا وأن نشكك بعلاقتنا مع الرب إذ لم نحصل على ما نريد ، ومن الانحطاط أن نعلق أسباب النجاح في هذا الحدث بأمور لاشعورية وخارقة للطبيعة بل إن كلٌ سيأخذ ما هو له ولايكلف الله نفساً إلا وسعها ، والخضوع لأوامر الله نوعان أولهما في العبادة التي يفعلها المسلم بإرادته وهذا تخير ، والأخرى الكونية التي تحدث حتى للكافر وبدون إرادته وهذا تسيير ، والأخذ بالأسباب من مهام البشر في هذه الحياة ، فنحن أُنزلنا مخيرين مسيرين فنحن نعمل بالعبادة لكي نجني الجنان السماء فما بالنا في جنان الأرض ألن تكون بعمل ! ، ولو أنه لا وجود لأسباب لما اجتهد المجتهدون ولا قطعت الأرزاق بيد بشر وبالطبع بعد إرادة الله .
المبررات تكثر في مجتمعاتنا نحن بنو البشر من مبررات وراثية وبيئية اجتماعية وتربوية ومبررات لا مبرر لها ، ما ذُكر في الواقع لن يمنع ناجح من نجاحه ولن تمنع عنك رزقك وماهو مكتوب لك ، فلذلك أذكر لك أنها ( مبررات ) ، فلاعجب أن تصادف أفراد يلقون اللوم على العين والحسد وهو لم يجتهد ويعمل
هذه المبررات فيقف وينسى فيها موضعه بإيمانه وقبوله بالقضاء والقدر خيره وشره ..
إعمل فالرزق نوعان ؛ أولهما يأتي لك وإن كنت في قبرك ، والآخر يأتي بعملك ودعائك وإخلاصك وجميعه رزق من الوالي الكريم الرب الرحمن الرحيم فلا أعذار بعد اليوم .
مروان إبراهيم المحمدي
مقالات سابقة للكاتب