لاحظت منذ فترة طويلة أن كل من قابلت من المحبطين واليائسين كانوا يوماً ما يحملون طموحات ضخمة في ثنايا مستقبلهم..
في كل مرة كنت التقي أحدهم كانت ذاكرتي تستدعي آخرين والقاسم المشترك بينهم كان الطموح الحارق..
كنت أتساءل دوماً : كيف يمكن أن يصاب بالاحباط شخص لديه هذا القدر من الطموح؟
ولماذا يهاجم الاحباط الطموحين دوناً عن غيرهم؟
احتجت وقتها لوضع “قاعدة مستعجلة” اعتقدت أنها صحيحة وشكلت نوعاً من الارتياح لتلك الأسئلة الدوامية الكثيرة مفادها:
“أن الطموح قليلهُ جيد .. وكثيرهُ قاتل”..
ثم شاء الله تعالى بمنه وكرمه أن أتعرف وأشارك ثم أدرب مسهلاً وموجهاً في برنامج القائد الشامل Total Leader من شركة LMI الأمريكية لأجد في جعبته إجابة شافية لسؤالي:
“يستطيع الانسان أن يطمح كيفما يشاء.. بشرط أن تنمو قدراته لتواكب تلك الطموحات”..
عرفت الآن أن الناجحين في الحياة من الذين سبحوا بعيداً هاربين من شبكة الاحباط واليأس، كانوا يطمحون ويعملون في نفس الوقت على تحسين قدراتهم وإمكانياتهم وظروف حياتهم..
وهداني بعد توفيق الله تفكيري مع تلك المعرفة لاكتشاف الخلطة السرية في إدراك الفرق بين الطموحات التي تمثل الأحلام والأماني وبين الأهداف الذكية التي تحول تلك الأمنيات والأحلام إلى خطة عمل محددة تتسم بالواقعية وتشترط إمكانية التحقيق ضمن المُهل الزمنية المحددة والمقننة ومنها تشتعل الرغبة والإصرار والتحدي..
تدرب على يدي في ذلك البرنامج الفريد مهندس شاب كان يقرأ صبيحة كل يوم على نفسه بيان ملكي كتبه بيده يعلن فيه تعيينه وزيراً، وكان كلما قرأ هذا الخطاب علينا في قاعة التدريب يبتسم زملاؤه بعضهم سخرية وبعضهم دهشه.. وأتذكر بأني قلت لهم آنذاك: بإمكانكم أن تسخروا من طموح المهندس “سعود” لكنه سيكون أكثر الأشخاص جاهزية لتحقيق النجاح لو استلم حقيبة وزارية يوماً ما، في حين سيفشل مثل الكثيرين كل من اتيحت له الفرصة وهو غير مستعد لأن النجاح يساوي الفرصة زائداً الاستعداد..
د عمر عثمان الاندجاني
مستشار في القيادة ومرخص شركة LMI الامريكية -مستشار منهجية كايزن اليابانية-خبير التنمية البشرية-المؤسس والمشرف العام على مشروع النهضة الاخلاقية خُلق
ينبع الصناعية
مقالات سابقة للكاتب