عندما كنت في الابتدائية كان حلمي أن أصبح لاعباً في نادي غران ، ولكن إصرار والدي على أن أعمل في شركته عقب انتهاء اليوم الدراسي حال دون توفر الوقت اللازم للتمرين وضاعت طفولتي في (جمع البامية والملوخية)
فذهب حلمي أدراج الرياح التي ذهب إليها النادي ، كذلك حالت شركة الوالد دون تفوقي في الدراسة ، فقررت أن اتجه للغناء انطلاقاً من ( الحمام أكاديمي) ولكن صوتي أجهض تلك المحاولة في أول حفلة خارج الحمام لشدة الشبه بينه وبين صوت مروحة السقف (كخ كاخ) . ولا أريد أن أحدثكم عن مشواري مع الشعر والرواية والقصة القصيرة فأبكي وتبكون ليلاً طويلا.
وكبرت وكبر همي فقررت أن أدخل التاريخ مع (الطاقه) إلى المجلس البلدي ، فوجدتها مؤامرات وحرباً ضروسا بداية من تكريم أعضاء المجلس (من يأخذ الدرع الأحمر ومن هو الأحق بالبنفسجي و لئيم يقترح أن يكون التكريم سكاكين أبو منشار أو أوراق توت ) ، مؤامرات ودسائس (ودنفسه وأمسك لي واقطع لك ) على مجد (جمهوره جداتي).
وبما أن النملة لم تصعد الجدار إلا بعد ثلاثين سقطة ، قررت أن اعتكف تحت سلم المجد ، ولأن الحصان رغم قوته لا يصعد الجدار ، فقد قررت أن تكون النملة ملهمتي ومثلي الأعلى دون أي اعتبار للحجم فالعلم (لايكيل بالبدنجان)
وأصبحت مثل محمد عبده ( أمشي وأدور في الوجوه تايه عيونك توهوه ) وحقيقة كنت تائهاً فأنا خرجت من مختلف المراحل التعليمية و رأسي فارغ من كل شيء عدا بعض أغاني محد عبده وعبادي وطيبة الذكر أصاله، لا توحيد ولا سيرة صحابة ولا تاريخ، وكنت أظن بأن البحر الأحمر ماهو إلا عاصمة السعودية ، ولا أبالغ بأني لم أعرف الفرق بين الدولة العثمانية والحملات الصليبية. وفجأة ، (تبسمت الحياة والله ألهمنا رضاه) ، وأتت القنوات الفضائية ، فوجدن رأسي كما ذكر أعلاه ( بلاطه ، ربي كما خلقتني ) وأعجبت باللبراليين وطريقة حديثهم، وعرفت من أحد أصدقائي (الدوافير) بأن الليبرالية تعني الحرية فأعجبت بها وبهم ، ( وجاءوا بسحرٍ عظيم ) فقلت لهم ( ألقوا ما أنتم ملقون) ، فأخذوا يحشون رأسي بتفاهاتهم ، وأيقنت بأني وجدت ضالتي، وهاهو سلم الشهرة قد (سدح نفسه) لي بعد أن تفوقت على صديقتي النملة في عدد السقطات، وبما أني لا أعرف الكثير عن الدين ، قلت في نفسي ( خلها حج وبيع مسابح) فأخذت الدين والليبرالية عن القنوات الفضائية ، وأصبحت كالغراب في مشيته (لا معرفة بالدين ولا بالليبرالية)
فيا أخي القاريء أنا مسلم أصوم وأصلي وليبرالي مثير للشفقة هدفي الشهرة ( على قولة الشاعر سعد العجمي
الرجـل ودك يشتهـر فــي شبـابـه
بالـطـيـب والا بالـعـلـوم الـرديــات
مايهتنـي باكـلـه ولا فــي شـرابـه
اليـن تطلـع صورتـه فـي المجـلات ) .
أشترك مع بقية الليبراليين في أننا تعرضنا للاستبداد في مرحلة ما من مراحل الحياة، أب مستبد أو معلم مستبد ولربما مجتمع مستبد.
ولو تأملت حديثنا لو جدتنا كثور الساقية ندور وندور ولا جديد، رأس مالنا عبارات وردود جاهزة كل عبارة منها تصلح للرد على أكثر من سؤال ( ملتي سستم) نكررها في كل مناسبة ونقاش ، على نحو ابن باز وابن عثيمين غير معصومين، وابن تيمية ليس رسولا ، و اذا تم (حشري في زاوية) فذلك إقصاء. ما أعرفه أن الليبرالية تعني حرية الفرد ، ولا استوعب أنها الحرية المطلقة وأنها تعني حرية الدعارة والربا والإلحاد والاقتصاد والسياسة ، ولا يقف عقلي حائراً، عندما يرى الغرب تنقلب موازينهم الديمقراطية حينما يتعلق الأمر بحرية أو ليبرالية الانسان المسلم في فلسطين و بورما أو العراق وسوريا ، لأني كما ذكرت أعلاه، ليس في رأسي إلا بضاعة القنوات الفضائية.
أنا ليبرالي أعرف بأن الليبرالية إنما نشأت ضد استبداد الكنيسة ولكنني أجهل بأن الكنيسة لم يكن لها دين قيم وكتا بيِّن بل إنجيل محرف كما تهوى أنفسهم فاستبدت الكنيسة واستعبدت الناس ، وأنا مؤمن بأن الاسلام هو الدين الحق ، ولكن لا استوعب معنى الشمولية في الاسلام وأنه نظام سياسي اقتصادي اجتماعي متكامل، لذلك التبس الأمر علي و سولت لي نفسي أن الاسلام قد يكون بحاجة إلى سفاهات عقولنا لنعيد قراءته.
لذلك التمسوا لي العذر وما أنا إلا بضاعتكم ردت إليكم .