الآن بت أعرف لماذا رجع الكثير من شبابنا وبناتنا من الابتعاث بخفي حنين وبعضهم من المتفوفين والمتفوقات في الدراسة الثانوية .. لأن بعضهم ببساطة اعتقدوا أن التفوق يكمن في أساليب الدراسة العادية التي يشجعها للأسف النظام التعليمي القائم على التلقين والذي يضمن النجاح بتفوق للطلاب الذين يتمتعون بالحافظة والتذكر دوناً عن أية مهارات وقدرات أخرى كالتواصل والفهم والعمل الجماعي وتقبل الآخر وغيرها ..
وركن الكثير من الشباب والشابات إلى ما لديهم من قدرات وطاقات ومهارات يظنون انها متميزة، وتركوا العنان لأحلامهم وطموحاتهم أن ترفرف عالياً ليكتشفوا متأخرين للأسف أن رصيدهم من تلك القدرات لا يكفي لإجراء اتصال ناجح بالطموحات التي رسموها على غرار شرائح الاتصال مسبقة الدفع!!
والنصيحة التي بات واجباً علي تقديمها للآباء والمربين هو أن نتحول إلى أسلوب تنمية القدرات والامكانيات القائمة على فكر القيادة وتعظيم فاعلية التعلم من خلال الممارسة والمشاركة..
وإليكم بعض النصائح التي أطبقها باستمرار مع أبنائي وطلابي:
– اترك للطفل والطلاب مساحة لتجربة أشياء جديدة بطريقة مختلفة تتضمن ارتكاب الأخطاء والتعلم منها والأخطاء مهما عظمت ستعطي دروساً عظيمة بنفس المقدار.
– اطلب من أطفالك أن يتعلموا مهارات جديدة في البيع والشراء والعمل البدني أو الإداري بمقابل مادي أو بدونه.
– تجنب أن تحد من قدرات طفلك أو طلابك كأن تقول مازالوا صغاراً أو غير مستعدين، اعطهم المهمة وسيفاجئونك بنتائج لم تتوقعها.
– اطلب من الطفل أو الطالب أن يتعامل بمسئولية تجاه مواعيد التسليم واجتهد ما استطعت ألا يترك مهمة بدون أن ينجزها، ثم تذكر أنك قدوته في وعودك وانجازاتك.
كل هذه الأيقونات التدريبية التوجيهية من شأنها أن تساعد أطفالكم وطلابكم في النمو بعضلة قدراتهم وامكانياتهم إلى حدود المهام المطلوب انجازها فالقضية في الأساس هي ردم الفجوة بين الطموح والقدرات
اشجع ايضا زملائي المدربين ممن يحملون هم التطوير والتنمية والنهضة، للتعرف على الأساليب الجديدة في عالم التدريب، فطريقة التدريب المتوالية مثلاً والتي تعتمد على قدرة المدرب على الإبهار الإلقائي وعرض المعلومات في طريقها للزوال. في المؤتمر الاخير للجمعية الامريكية للتدريب والتطوير ASTD في العام ٢٠١٢م قرر المؤتمر ضمن توصياته أن التدريب المتتالي القائم على إلقاء المدرب في طريقه للزوال وان التوجيه Coaching والتسهيل Facilitating يجب أن يحلان مكانه بسبب قدرتهما على تحقيق نتائج لا يمكن مقارنتها مع أساليب التدريب العادية. هذه الفكرة لوحدها كافية لاغلاق كثير من القاعات الصوتية التي يمارس فيها التدريب الالقائي بطريقة التوستماسترز كنوع من المتعة والإبهار بدون أن يكون هناك عائد حقيقي من التدريب وإعادة صياغة التوجهات والأفكار وبالتالي تغيير السلوكيات الذي يحقق النتائج وعوائد الاستثمار (ROI) ..
نفس المبدأ الذي أعجبني في دورات الشركة الامريكية LMI هو المبدأ الذي بدأت أطبقه في حياتي وفي تعلمي وتطويري وفي تربيتي لأطفالي وفي تدريبي وتدريسي.. إنه منهج المشاركة والتلاقح الفكري والتوجيه والتسهيل والتمكين والتدريب والتحفيز والمبادرة في طبخة تدريبية توجيهية تتيح للمتلقي الوقت الكافي لكي يتشرب المعلومات ويقتنع بالخبرات بعد مناقشتها ليدهش حتى موجهه ومعلمه بالنضج الذي وصلت إليه قدراته ومهاراته في كل الاتجاهات بأسرع مما كان يراد لها أن تكون ضمن طرق التدريب العادية..
كتبه
عمر بن عثمان الاندجاني –ينبع الصناعية
مقالات سابقة للكاتب:
الطموح والاحباط .. الإخوة الأعداء! -١
مقالات سابقة للكاتب